صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/27

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
–٢٩–

من هو:

الألمعي الذي يظن بك الظن
كأن قد رأى وقد سمعا؟

كل أولئك يلتقي في هبةٍ واحدةٍ، هي كشفُ الخفايا، واستيضاحُ البواطن، واستخراجُ المعاني التي تَدِقُّ عن الألباب، فاتِّصالهُا بالفراسة وشبيهاتها أمرٌ لا عجبَ فيه، ولا انحرافَ به عن النحو الذي تنتحيه.

والذي يعنينا من الفراسة وشبيهاتها في صدد الكلام عن عمرَ — رضوانُ اللهِ عليه — أن نحصي الخصالَ الأخرى التي هي كالفراسة في هذا الاعتبار، وهي التفاؤلُ والاعتدادُ بالرؤيا، والنظرُ أو الشعورُ على البعد أو «التلباثي» كما يسميه النفسانيون المعاصرون. ولكل أولئك شواهدُ شتَّى مما رُوِيَ عن عمر في جاهليته وبعد إسلامه، إلى أن أدركته الوفاةُ.

جاءه رسولٌ من ميدانِ نهاوند فسأله: ما اسمك؟ قال: قريب. وسأله مرة أخرى: ابنُ من؟ فقال: ابن ظفر. فتفاءل وقال: ظفرٌ قريبٌ إن شاءَ الله، ولا قوةَ إلا بالله.

ورَوى يحيى بنُ سعيد أنَّ عمر سأل رجلًا: ما اسمك؟ قال: جمرة. فسأله: ابن مَنْ؟ قال: ابنُ شهاب. فسأله: ممن؟ قال: من الحرقة. وعاد يسأله: ثم ممن؟ قال: من بني ضرام. وهكذا في أسئلة ثلاثة أو أربعة عن مسكنه وموقعه، والرجل يجيب بما فيه معنى النار ومرادفاتها، حتى استوفاه، فقال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا.

وقد يكون التأليف ظاهرًا في هذه القصة، ولكنها مع تأليفها، لا تخلو من الدلالة على اشتهار عمر باستكناه الألفاظ في معرض التفاؤل أو الإنذار.

أما الرؤيا فآخر ما رُوِيَ عنه من أخبارها أنه رأى قُبَيل مقتله كأن ديكًا نقره نقرتين، فقال: يسوقُ اللهُ إِلَيَّ الشهادةَ ويقتلني أعجمي؛ فإن الدِّيك في الرؤيا يُفَسَّر برجل من العَجَم. على أنَّ المكاشفة أو الرؤيا Vision كما يسميها النفسانيون (1) المتوقد الذكاء • (۲) الهبة : الساعة • (۲) أي تخض (4) أي (5) أي الشعور البعيد . (6) أي نصر .