بعد نضج عمر الخلفاء الراشدين عندنا صدق وان ابن القفطي وعبد اللطيف البغدادي أخذا عن مصدر ضائع . وأما خلو كتب الفتح من ذكر هذه الحادثة ، فلا بد له من سبب ، والغالب أنهم ذكروها ثم حذفت التمدن الاسلامی و اشتغال المسلمين بالعلم ومعرفتهم قدر الكتب فاستبعدوا حدوث ذلك في فحذفوه أو لعل لذلك سببا آخر ، وفي كل حال فقد ترجح رواية أبي الفرج ونرى نحن أن ابن القفطى كان أولى ممن تقدموه بالسكوت عن حريق المكتبة بأمر الخطاب لو كان الذين تقدموه قد سكتوا عنه العرفانهم قدر الكتب وغيرتهم على سمعة الخلفاء الراشدين ، فان ابن القفطي لا يجهل قدر الكتب ولا يسبقه سابق من المؤرخين في المغالاة ابنفاسة المكتبات . فلا بد من تعليل أصوب من هذا التعليل لسكوت المؤرخين المسلمين والمسيحيين الذين شهدوا فتح مصر عن هذه الحكاية إلى أن نجمت بعد بضعة قرون عمر بن
6 6 فمن جملة هذا العرض لآراء نخبة من الثقات في هذه المسألة يحق لنا أن نعتقد أن كذب الحكاية أرجح من صدقها ، وانها موضوعة في القرن الذي كتبت فيه ولم تتصل بالأزمنة السابقة له بسند صحيح ، وربما كانت مدسوسة على الرواة المتأخرين للتشهير بالخليفة المسلم وتسجيل التعصب الذميم عليه وعلى الاسلام واذا كانت هذه الحكاية من تلفيق النيات السيئة فالمعقول ألا توضع قبل القرن السادس الهجري الذي تسربت فيه الى الكتب المدونة ، وهذا يفسر لنا كل غموض يستوقف النظر في الحكاية من جميع أطرافها لأن تلفيق هذه الحكاية يستلزم عناصر شتي لا تجتمع كلها في وقت واحد قبل القرن السادس للهجرة فهو يستلزم أن يكون المتفق عليها بالأقوال والأحوال التي أثرت عن الخطاب وفيها ما يجعل حكاية المكتبة قرية التصديق مشابهة لما (۱) نجم الشيء : ظهر وطلع • (۲) أي الفبيع المذموم عمر بن