منه (1). القرن الثالث عشر ولم تظهر قبل ذلك » ... « ففي أواخر القرن الثاني عشر رجعت مصر الى حكم خلفاء بغداد وأبلى صلاح الدين بلاءه في الحروب الصليبية واتصر على المسيحيين فلقبه الشعب بفاتح مصر ، وقرن بين اسمه واسم عمر بن الخطاب وكان الابن القفطى أب يعجب بصلاح الدين ولاه صلاح الدين قضاء القدس ، وعاصر عبد اللطيف البغدادي وهو من المعجبين مشله بصلاح الدين ، فتلاقيا في القدس وسمع هذه الأسطورة التي توسع ابن القفطي في نقلها . فكان أول من الف هذه الأسطورة من حاشية صلاح الدين لتزكية حاكم مصر الجديد . ومما يروى عن صلاح الدين ، انه باع كنوز القصر والمكتبة فبقيت هذه الرواية الى القرن الثامن عشر یوشیها ما ينسجه الخيال حول الخرافة العمرية . ثم اتخذت صورتها التاريخية منذ ذلك العهد تعززها خرافات أخرى لحقت بعمر ووافقت معنى قوله الا كتاب الله » ومن المشارقة الذين تناولوا حكاية المكتبة المؤرخ الكبير جورجی زيدان في الجزء الثالث من كتابه « تاريخ التمدن الاسلامي ) حيث قال : انه كان يميل إلى نفي الحكاية ثم عدل عن ميله هذا إلى قبولها وأورد من أسباب ذلك « ان حكاية احراق مكتبة الاسكندرية لم يختلقها أبو الفرج تعصب دینی ، ولا دسها أحد بعده ، بل هو نقلها عن ابن القفطى وهو قضاة المسلمین عالم بالفقه والحديث وعلوم القرآن واللغة والنحو والأصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ والجرح والتعديل ، وكان مصدرا محتشما الكتب ما لا يوصف وكانوا يحملونها اليه من الآفاق وكانت مكتبته تساوي خمسين ألف دينار . ولم يكن يحب من الدنيا سواها وله حكايات غريبة عن غرامه بالكتب ولم يخلف ولدا فأوصى بمكتبته لناصر الدولة صاحب حلب ، وله مؤلفات عديدة في التاريخ والنحو واللغة وفي جملتها كتاب أخبار مصر من ابتدائها إلى أيام صلاح الدين في ستة مجلدات و کتاب تراجم الحكماء الذي نحن في صدده (1) الوشي : نقش الثوب و تزيينه ، ومعنی پوشیها : يزينها ويحسنها . (۲) تعززها : أي تقويها قاض من
صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/208
المظهر