صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/152

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- هاست ويروضه مخالفاته ومراجعاته بأقل من رضاه عن موافقاته وتسليماته .. لأنه كان ينظر الى بواعث هذه وتلك فيحمدها و يرجو للاسلام خيرا منها ، بل یادخر للاسلام سورته كما يدخر له تسليمه وطاعته ، ويسوسه في رفق وكرامة سياسة المعلم لتلميذه الذي يعينه ويستعين بغيرته رياضة الامام لمريده الذي يهيئه للامامة بعد حين ، وشجعه بقبول الحسن من رأيه تشجيع سمح شيت فيه حسن الرأي وسنزيده منه . ولا يتأتی أن ينظر النبي الملهم الى عمر دون أن يرى فيه أولى مشابهاته للطبائع النبوية وهي الالهام الديني والبصيرة الروحية . فكان عليه السلام يقول فيه : « قد كان قبلكم من بني اسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء. فأن يكن في أمتي أحد فعمر » و من قوله في بعض ما نقل عنه عليه السلام : « لو كان بعدی نبی لكان عمر بن الخطاب » وقوله : « ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه » ... وقوله : « عمر بن الخطاب معي حيث أحب ، وأنا معه حيث يحب ، والحق بعدی الخطاب حيث كان ) . وتلك لمحات نبي ملهم الى بصيرة ملهمة تقارب بصيره الأنبياء وان في هذه اللمحات لمعرفة بالنفس ونفاذا الى الضمير ، من أجلها كان محمد مصلح نفوس وهادي ضمائر ، وفاتح عهد في تاريخ الإنسان ومن تحصيل الحاصل أن نقول ان محمدا أحاط بكل فضيلة من فضائل عمر وكل خليفة من خلائق طباعه . وراقبه قبل اسلامه وبعد اسلامه فلم تفته كبيرة ولا صغيرة من مواطن العظمة فيه ، الا أنه لم يحمد منه شيئا كما حمد حبه للحق وكراهته للباطل ، فهي الخصلة التي تلاقيا فيها وتقاريا قبلها ، وان كان محمد الأرحبا صدرا وأعلم بالناس من أن يكلف صاحبه أن يشبهه كل الشبه في علاج الحق والباطل ، فلا بد من فارق بين الرجلين هو الفارق الذي لابد منه بين المعلم والمريد ، وبين الامام والمأموم . ولا نخالنا نلمس هذا الفارق كما نلمسه من قصة الأسود بن شريع عمر بن 6 روحی من