صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/105

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–۱۰۷–

قال لأصحابه : دلوني على رجل أستعمله١

فسألوه : ما شرطك فيه ؟..

قال : اذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم، واذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم

ان الذي يسأل هكذا لهو أقدر من الذي يجيبه بالصواب، لأنه قطع له ثلثي الطريق السديد الى الجواب.

وكان ربما استشار العدو الذي لا يأمنه، كما فعل في سماع رأي الهرمزان في أمر الحرب الفارسية، لأنه بصير يطلب نورا، فاذا رأى النور استوى لديه أن يحمل له المصباح عدو أو صديق.

ومن اليسير، اذا تعقبنا مشاورات عمر، أن نعلم انه واضع دستور الشورى في الدولة الإسلامية.. وان الشورى التي وضع دستورها هي شورى الرأي الأصيل يستعين بكل أصيل من الآراء

***

وقد وضع لقواده دستور الحرب، أو دستور الزحف من الجزيرة العربية إلى تخوم٢ أعدائها، كأحسن ما يضعه رئيس دولة لقواده وأجناده فأرسل المدد الى العراق، وعليه أبو عبيد بن مسعود الثقفي، وعلمه كيف يستشير مجلس الحرب الذي معه، وكيف يقدم في موضع الاقدام، ويتريث في موضع التريث، وأجمل له ذلك في قوله : « اسمع من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشركهم في الأمر ولا تجتهد مسرعا بل اتتئد٣.. فإنها الحرب لا يصلحها الا الرجل المكيث٤ الذي يعرف الفرصة، ولا يمنعني أن أؤمر سليطا (ابن قيس) الا سرعته إلى الحرب. والسرعة إلى الحرب الا عن بيان ضياع » وزاده تبصرة بالحيطة فقال له : « ان تقدم على أرض المكر والخديعة والخيانة والجبرية٥ تقدم على قوم تجرأوا على الشر فعلموه وتناسوا الخير فجهلوه، فانظر كيف تكون وأحرز لسانك ولا تفشين سرك، فان صاحب السر - ما يضبطه - منحصن لا يؤتى من وجه يكره، واذا لم يضبطه كان بمضيعة »

.


  1. أي اؤمره وأولي.
  2. حدود.
  3. أي ترد وتمهل
  4. المكث: اللبث والانتظار.
  5. أي التجبر.