صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/104

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

بها- ما وكان عمر لهم {1} يحسن الموازنة بين ومن يقبل وجعل موسم الحج موسما عاما للمراجعة والمحاسبة واستطلاع الآراء في أقطار الدولة من أقصاها إلى أقصاها : يفد فيه الولاة والعمال لغرض حسابهم وأخبار ولايتهم ، ويفد فيه أصحاب المظالم والشكايات لبسط شکیه ، ويفد فيه الرقباء الذين كان يبثهم في أنحاء البلاد المراقبة الولاة والعمال فهي « جمعية عمومية » كأوفي ما تكون الجمعيات العمومية في عصر من العصور يستشير جميع هؤلاء ويشير عليهم ، ويستمع ويسمعهم ، ويتوخي في جميع ذلك تمحيص الرأي وابراء الذمة والخلوص الى التبعة السليمة من العقابیل" وان أضعف الناس رأيا لمن يستضعف فضل الأمبر عمل تولاه ، لأنه عمله بمشاورة غيره فان باب المشاورة مفنوح لكل انسان ، وليس كل اسان مع ذلك بالذي يريد أن يستشير ، أو بالذي يعرف كيف يستشير اذا أراد ، أو بالذي الآراء أن عرف من يستشير مشورتهم في حالة ويرفضها في حالة أخرى ان المشاورة لفن" عسير .. وان الذي ينتفع بمشورة غيره لاقدر ممن يشير عليه وقد كان عمر عبقرى هذا الفن الذي لا يجاري. وكان من بدعه الملهمة في هذا الفن العسير أنه لم يلتمس الرأي عند أهل الحنكة والخبرة وكفى ، بل كان يلتمسه كذلك عند أهل الحدة والنشاط ممن يناقضون أولئك في الشعور والتفكير فكان كما روی یوسف بن الماجشون : « اذا أعياه الأمر المعضل دعا الأحداث فاستشارهم لحدة عقولهم » وانه الالهام في فن الاستشارة لا يلهمه الا صاحب رأي أصيل . فمن الرأي الأصيل أن يخبر الانسان كيف يستعير آراء المشيرين انظر اليه كيف يستشير في اختيار أمير ، تعلم أن الاستشارة كما قلنا : فن ، وأنه فن عسير (۱): بقايا العلة . (۲) أي لا يضاهي • (۳) الذين أحكمتهم التجارب • (4) أي لم يهتد لوجهته . (5) : الشباب (۳) - 6