صفحة:عبقرية عمر (المكتبة العصرية).pdf/102

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

عمر والدولة الإسلامية

تأسست الدولة الاسلامية في خلافة أبي بكر رضي الله عنه لأنه وطد العقيدة وسير البعوث . فشرع السنة الصالحة في توطيد١ العقيدة بين العرب بما صنعه في حرب الردة ، وشرع السنة الصالحة في تأمين الدولة أعدائها بتيسير البعوث وفتح الفتوح . فكان له السبق على خلفاء الاسلام في هذين العملين الجليلين.

الا اننا نسمى عمر مؤسسا للدولة الاسلامية بمعنى آخر غير معنی السبق في أعمال الخلافة . لأننا « أولا» لا نجد مكانا في التاريخ أليق به من مكان المؤسسين للدول العظام

ولأننا من جهة أخرى لا نربطه بين التأسيس وولاية الخلافة في اقامة دولة كالدولة الاسلامية . اذ الشأن الأول فيها للعقيدة التي تقوم عليها وليس للتوسع في الغزوات والفتوح . وعمر كان على نحو من الأنحاء مؤسسة الدولة الاسلام قبل ولايته الخلافة بسنين ، بل كان مؤسسا لها منذ أسلم ، فجهر بدعوة الإسلام وأذانه ، وأعزها بهيبته وعنفوانه . وكان مؤسسا لها يوم بسط يده إلى أبي بكر، فبايعه بالخلافة، وحسم الفتنة التي أوشكت أن تعصف بأركانها ، وكان مؤسسا لها أشار على أبي بكر بجمع القرآن الكريم ، وهو في الدولة الاسلامية دستور الدساتير ودعامة الدعائم ، ولم يزل يراجع أبا بكر في دلك ، حتى استدعی زيد بن ثابت كاتب الوحي، فأمره أن يتتبع آي القرآن ليجمعها من الرقاع والاكتاف والعسب٢ وصدور الرجال ، فكان ذلك أول الشروع في الكتاب..

جمع هذا إلى أن أبا بكر رضي الله عنه أسس، ولم يتسع له الأجل حتى


  1. أي تمکین و تقوية
  2. أي عسب النخل