صفحة:عبقرية الصديق (المكتبة العصرية).pdf/9

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

6 6 فكل فضيلة أثبتناها لأبي بكر في هذه الصفحات فهي فضيلته التي لا نزاع فيها ، و كل عمل استطاعه ووصفناه بقدرته فقد استطاعه بغير جدال ، وما من عمل لم يعمله قلنا انه قد عمله ، ولا من قدرة لم تظهر منه جعلناها من صنوف قدرته ، ثم يتوسعه القارىء بعد هذا فيرى صورة مميزة بين صور العظماء من امثاله ، فهو محمود موقر و عمر بن الخطاب في صورته محمود موقر ، ولكنهما ذلك لا يتشابهان ولا يتراءى أحدهما في ملامح الآخر ، وهذا قمار اك من صدق الصورة في تمييز الرجل بين نظراته ، وفي تمثيله بما فيه وما ليس فيه انك حين تعدد ثروة رجل فتقول : أنه صاحب عشرة بيوت ، لا يلزمك بعد ذلك أن تقول : ولكنه ليس بصاحب ارض زراعية ولا أوراق مالية ولا معامل صناعية ولا مرتبات حكومية ، واذا أنت سكت عن هذا قاصدا أو غير قاصد لم يجز لأحد أن يلومك أو يظن بك تعمد الاخفاء والسكوت ، فحسبك أنك ذكرت ثروته الصحيحة ولم تضف اليه ما ليس من ماله لتكون قد أعلمت من يريد العلم بثروته غاية ما ينبغي أن يعلم وكذلك الشأن في ثروات النفوس حين يحصيها المقدرون : تصدق أن ذكرت له ما يملك ، ولا يفوتك الصدق ان فاتك ان تحصي كل ما ليس له بملك ، فليس هذا بغرض من أغراض الاحماء أو التعريف ومذهبنا الذي نتوخاه في الكتابة عن العظماء الذين حسنت نباتهم في خدمة الانسان ان نوفيهم حتهم من التوقير ، وان نرفع صورهم الى مكان التجلة ، وان لم يمنعنا هذا أن نصدقهم الوصف والتصوير وقد عبرت عن هذا المذهب شعرا قبل ثلاثين سنة نقلت من ابيات : لا تلح ذا بأس وذا همة على ذنوب العصبة الغلب فليس مقياسك مقیاسهم ولا هم مثلك في المغرب انظر الى ما خلفوا بعدهم من المعالي ثم لم واعتب من ركب الهائل من أمره ذره في ذلك المركب 6 ۱۰