وقيل انه هم بالفرار .. واذا بالمصاحف ترفع على الحراب من قبل جيش الشام ، واذا بالعثرة الكبرى التي لا خطوة بعدها في طريق فلاح . فان عليا نظر حوله ، فاذا بجيشه يوشك أن يقتتل فيما بينه نزاعاً على القتال أو القاء السلاح، وأن معاوية لفي غنى عن كفاح قوم لا يتفقون على كفاحه . فله منهم سيوف مشرعة لنصرته ، شاءوا أو لم يشاءوا ، وسيكفونه مئونة الحرب حتى يتفقوا بينهم على حربه وهيهات ! ولو كانت آفة الطاعة في جيش علي ، مقصورة على اجتهاد القراء والحفاظ ، وتعجل الغلاة والمتمردين. لكان في ذلك وحده ما يكفي .. اذ لافساد التدبير واضطراب القيادة وتعذر القتال على أصوله لا يستغني القائد في ميدان الحرب، ولا في ميدان السياسة ، عن الكتمان والمفاجأة وتحويل الخطط على حسب الطوارىء والمناسبات . فاذا كان في كل عمل من أعماله عرضة لاجتهاد أصحاب الفتاوي ، وكان أصحاب الفتاوي يفترقون عشرين وجهة في كل حركة من حركات الجيش ، فليست له خطة تكتم ولا خطة تنفذ . وليس عجيباً بعد ذلك ، أن ينهزم في ميدان القتال شر هزيمة يبتلى بها مقاتل. بل العجيب أن يتماسك فترة من الزمن - وان قصرت - أمام جيش يفوقه في العدد ويرجع في أمره إلى قيادة موحدة ونية مجتمعة ومشيئة مطاعة .
- * *
ولكن الآفة مع هذا ، لم تكن كلها في اجتهاد الحفاظ وتعجل الغلاة.
-99-
— ٩٩ —