I القتال فيها حول جملها وهو دجها . فانتصر علي ، وقتل الزبير ، ومات طلحة يجرح أصابه في المعركة، وحسم القتال بالصلح بين الفريقين في الحجاز والعراق . على أن هذا النصر العاجل، لم يخل من آفة تكدره وتنذر بالمخاوف التي يوشك أن يلقاها علي في حربه لخصومه الباقين بعد موت طلحة والزبير . وأقواهم معاوية بن أبي سفيان صاحب الشام . فقد كشفت وقعة الجمل عن مصاعب القيادة في جيش من المتمردين والمتذمرين . فانهم يستحمسون في عقيدتهم ، وهي فضيلة من فضائل الجيوش المقاتلة ، ولكنهم من جراء هذه الحماسة نفسها عرضة للعناد والتمادي في اللدد وإعجال قائدهم عن انعام الروية وانتظار الفرص المؤاتية .. فقد كان علي يميل - كدأبه - إلى مفاتحة الخارجين عليه في المهادنة أو المصالحة ، وكان معه جماعة السبئية - أتباع عبد الله بن سبا - وهم أخلص الناس له وأغيرهم عليه ، ولكنهم لفرط غيرتهم ولددهم في عداوتهم لم يقنعوا بما دون القضاء على خصومه، ولم يقبلوا التوسط في الصلح دون الغلبة التي لا هوادة فيها . فدهموا القوم وأوقدوا جذوة الحرب ، قبل أن يفرغ على من حديث المهادنة والتقريب بينه وبين أصدقائه الذين خرجوا عليه . وكانت هذه أولى العثرات الكبار التي أعثرته بها حماسة المتمردين
-90-
— ٩٥ —