1 نعم ، ان هذه السياسة أغضبت منافسيه وطالبي المنفعة الدنيوية على يديه . ولكن السياسة الأخرى كانت تغضب أنصاره ولا تضمن رضا المنافسين ودوامهم على الرضا والوفاق بينهم في تأييده . وكانت تخالف عقيدته التي يدين بها نفسه وأقرب الناس اليه ، وتخالف وعده وعقيدة الناس فيه . ولكن يكون مالكاً غالباً بسياسة الملك على كل حال ، فان لم يكن خليفة فما هو بشيء ، وان كان خليفة وملكا فهي خطة عثمان التي لم تستقم قط على وجه من وجهيها ومصيرها معروف ، وان كان خليفة ولا اختيار له في ذلك فكل ما صنع فهو الحكمة كاحسن ما تراض له الحكمة ، وهو السداد كأقرب ما يتاح له السداد . وعلم ان قريشاً لا ينصرونه ، فنقل العاصمة من المدينة الى الكوفة . لأن قريشاً كانوا هاشميين وهم لا يتفقون على بيعته ، وقد تركه أقربهم اليه ورحل الى معاوية طمعاً في رفده، أو كانوا أمويين وهم حزب معاوية وأهل عشيرته وبيته ، أو من تيم وهم حزب طلحة ، أو من عدي وهم يؤثرون عبدالله بن عمر بن الخطاب ، أو من قبائل أخرى ، وهم كما قال : قد هربوا الى الاثرة » .. فاذا أقام بينهم فهو مقيم بين أناس لا ينقطع لهم طلب ولا يضمن لهم ولاء . ولم تمض أيام معدودة على مبايعة الخليفة الجديد حتى انتظمت صفوف الحجاز كله له أو عليه . فكان معه جميع الشاكين لأسباب دينية أو
دنيوية ، وكان عليه جميع الولاة الذين انتفعوا في عهد عثمان ، وجميع
— ٩٣ —