وخذ لذلك مثلاً حجة معاوية حين علل ثورته باتهام علي في دم عثمان وعلل اتهامه لعلي بتقصيره في القود من الثائرين . وهم ألوف يحملون السلاح ، وهو لم يسكن بعد الى سلطان يعينه على القود من هؤلاء الألوف المسلحين . فماذا صنع معاوية بقاتلي عثمان حين صار الملك اليه ؟ ووجب عليه أن ينفذ العقاب الذي من أجله ثار واستباح القتال ؟ انه اتبع عليا فيا صنع ، وأبى أن يذكر الثار المقيم المقعد، وقد ذكروه به وألحوا في تذكيره . ولقد كان أول ما سمعه يوم زار المدينة ودخل بيت عثمان صيحة عائشة إبنته وهي تبكي : ( وا أبتاه » فلم تزده الصيحة المثيرة إلا إصراراً على الاغضاء والاعفاء . وقال لها يعزيها : « يا ابنة أخي . ان الناس أعطونا طاعة وأعطيناهم أماناً ، وأظهرنا لهم حلما تحته غضب ، وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد ، ومع كل انسان سيفه وهو يرى مكان أنصاره. فان نكتنا بهم نكثوا بنا ، ولا ندري أعلينا تكون أم لنا ولئن تكوني بنت عم أمير المؤمنين خيراً من أن تكوني امرأة من عرض المسلمين . »
ولو كانت الثورة كلها من أجل عثمان لما انتهت بهذا التسليم الهين . ولكان عذر علي في بداية المحنة أعظم حجة ، وأحق بالقبول . أو خذ لذلك مثلا علة عمرو بن العاص ، وقد كان أول الناصحين العثمان بالاعة ال ، بل كان يخطب عثمان ليسترضي الناس ، وعمرو يصيح
-19-
— ٨٩ —