وليس موضع الحسم فيها أن ينتصر علي .. فيحكم في مكان معاوية ، أو ينتصر معاوية فيحكم في مكان علي ، بل موضع الحسم فيها مبادىء الحكم كيف تكون اذا تغلب واحد منهما على خصمه ؟ أتكون مبادىء الخلافة الدينية أو مبادىء الدولة الدنيوية ؟. أتكون مباديء الورع والزهادة أو مبادىء الحياة على أساس الثروة الجديدة ، كما توزعت بين الأمصار وتفرقت بين السراة والاجناد والاعوان ؟ فلو أن علياً ملك الشام ومصر والعراق والحجاز، وجرى في سياستها على سنة أصحابه من الحفاظ والقراء ومنكري البذخ والاسراف لبقيت المشكلة حيث كانت ، ولم تغن هزيمة معاوية الا ريثما يتجرد للدولة منازع آخر يحاول الغلبة من حيث فشل . ولو أن معاوية ملك المدينة الى جانب ملكه ، وجرى في سياستها على سنة الحفاظ والقراء لما أرضاهم، ولا انقاد له احد من أشياعه . فالحسم حق الحسم هنا ، انما تغلب مبادىء الملك أو مبادىء الخلافة.. ولا حيلة لعلي ولا لمعاوية في علاج الأمر على غير هذا الوجه ، لو جهد له جهد الطاقة وقد كان الموقف بين الخلافة والملك ملتبساً متشابكة في عهد عثمان : كان نصف ملك ونصف خلافة ، أو كان نصف زعامة دينية ونصف امارة دنيوية .
- AV-
— ٨٧ —