عثمان مات حتف أنفه ، ولم يذهب ضحية هذه الثورة لجاز أن تجتمع قريش فتعقد البيعة الخليفة غير علي بن أبي طالب ، وجاز أن يختلف بنو هاشم . فلا يجتمع لهم رأي على رجل من رجالهم الثلاثة المرشحين للخلافة ، وهم : عقيل ، وعلي ، وابن عباس .
ولكنها الثورة الاجتماعية التي تنشد رجلها دون غيره ولا محيدلها عنه . فان ترددت أياماً ، فذاك هو التردد العارض الذي يرد على الخاطر لا محالة ، قبل التوافق على رأي جازم. ثم لا معدل للثورة عن الرجل الذي تتجه اليه وحده على الرغم منها .. فطلحة والزبير، كانا يشبهان عثمان في كثير مما أخذه عليه المتحرجون في الدين، وتمرد له الفقراء المحرومون . كانا يخوضان في المال ، ولا يفهمان الزهد والعلم على سنة الناقمين المتزمتين ، فاذا طلب الثائرون خليفة على شرطهم ووفاق رجائهم . فما هم بواجديه في غير علي بن أبي طالب، وقد قال بحق : ٥ ان العامة لم تبايعني لسلطان غالب ولا لعرض حاضر ، ولو شاء لقال عن الخاصة الذين لا يطمعون في الخلافة مقالته عن العامة في انقيادهم اليه بغير رهبة ولا رغبة . فقد كان أولئك الخاصة جميعاً على رأي العامة في حكومة عثمان وبطانته ، وأن أخفى بعضهم لومه . ولم يذهب بعضهم في اللوم مذهب الثوار في النزق وسفك الدماء .
1101
— ٨٥ —