وقال عمرو بن العاص ، وهو بين السخط على ولاية فاتها والطمع في ولاية برجوها : ( أرى انك قد ركبت الناس بما يكرهون ، فاعتزم أن تعدل . فإن أبيت ، فاعتزم أن تعتزل . فإن أبيت ، فاعتزم عزماً وامض قدماً » . رأي رجل عينه على الخليفة وعينه على الثوار، ولهذا بقي حتى تفرق المجتمعون . ثم قال للخليفة حيث لا يسمعه أحد غيره : ( والله يا امير المؤمنين لأنت أعز علي من ذلك . ولكني قد علمت أن سيبلغ الناس قول كل رجل منا، فاردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي . فأقود إليك خيراً وأدفع عنك شراً ... .
وكان هؤلاء هم الوزراء والنصحاء وأهل الثقة عند عثمان ، ومن ورائهم مروان بن الحكم يلازمه ويكفل لهم ان يحجب النصحـاء عنه ، وفي مقدمتهم علي واخوانه . ثم تفرق المؤتمرون وقد رد عثمان كل عامل إلى عمله ، وأمره بالتضييق على من قبله ... فكانت حيلة علي في تلك المعضلة العصيبة جد قليلة ، وكان الحول الذي في يديه أقل من الحيلة . الا انه مع هذا قد صنع غاية ما يصنعه رجل معلق بالنقيضين، معصوب بالتبعتين ، مسئول عن الخليفة أمام الثوار ومسئول عن الثوار أمام الخليفة ..
-19-
— ٧٩ —