حدث هذا مع وفد مصر ، واختلفت الأقاويل في تأويله من متهم للخليفة ، ومتهم لمنافسيه على الخلافة، ومتهم لوفد الشكوى الذي عثر بالخطاب ، ومتهم لمروان بن الحكم عنصر السوء في هذه المأساة كلها - وهو أولى الأقاويل بالترجيح والتصديق ، اذ كان ايسر شيء على مروان لو كان بريئاً من هذه المكيدة أن يكشف حقيقتها بسؤال الغلام حامل الخطاب ، وفي كشف هذه الحقيقة ابراء له ، وتعزير لسلطان الخليفة ، وفضيحة لأعدائه ، وادحاض لحجة الفتنة ، ودعوة الاثارة والتحريض . ولكنه أهمل السؤال ، وقنع من تبرئة نفسه بقذف التهمة على متهميه .
وظل الخليفة والثوار يشتبكون ويتحاجزون . لاهم في حرب ولا هم في سلام ... وكلما تحاجزوا بعد اشتباك منذر بالشر، زاد الخليفة ضعفا ، وزاد الثوار ضراوة ، وزاد التوجس بينهم استفحالاً واتسع مع التوجس مجال السعاية والارجاف بين الفريقين حتى بلغ الكتاب أجله . وتوسط علي بين الخليفة والثوار، فاستمهلهم الخليفة ثلاثة أيام يرد فيها المظالم ويعزل العمال المكروهين .
فانتظر الثوار هذه الأيام الثلاثة تلبية لنصيحة علي .. ومنهم من
— ٧٣ —