مضت السنون الأولى من خلافة عثمان على خير ما كان يرجى لها أن تمضى في عهد خليفة . ثم تغيرت الأحوال فجأة من جانب الراعي ومن جانب الرعية ، الأسباب لم تكن طارئة ساعة ظهورها ، وأن ظهرت عواقبها طارئات . . وتتعدد الأسباب التي أو جبت ذلك التغيير بعد السنوات الأولى ، ولكنها قد تنحصر في سببين اثنين جامعين لغيرهما من الأسباب العديدة، وهما امعان الخليفة في الشيخوخة ، واستمراء الأعوان لما تَعِمُوا به من لين الخليفة ولين الرغد والمتاع . ولقد كتبت الأسفار المطولات في احصاء المآخذ على عثمان رضي الله عنه ، وكتبت الأسفار المطولات في تبرئة الخليفة من تلك المآخذ أو الاعتذار له بأحسن الأعذار وتفسيرها على أحسن الوجوه ، لأن المسألة خرجت من عداد المسائل التاريخية ، وانتقلت الى ميدان النزاع بين الأحزاب والمذاهب وأقاويل الجدل والحجاج .. فجعلها الشيعيون وأهل السنة ذريعة الى تأييد مذهب وانكار مذهب في الخلافه والخلفاء ، وراح الأولون يبالغون في الاتهام كما يبالغ الآخرون في الدفاع . ولا طائل هنا من شرح هذا وذاك ، ولا هو مما يقتضيه كلامنا الآن .. وانما المرجع فيه الى تاريخ عثمان . الا اننا نجتزى هنا بالاشارة الى التذمر الذي أثار الفتنة ، والالمام بأسبابه عند اصحابه .. فمما لاشك فيه أنهم تذمروا لأسباب تثيرهم وان
14.1
— ٧٠ —