ثم ضاقت به المدينة ايضاً فنفي منها الى قرية من أرباضها حيث لا يسمع له دعاء
وصنع بعبد الله بن سبا - صاحب القول برجعة النبي الى الدنيا ووصاية علي على الخلافة - مثل هذا الصنيع بعد ان داراه فأعياه، فلما يئس منه ومن ترغيبه او ترهيبه ضيق عليه ثم اقصاه . والتفت الى من سمّاهم اهل الفتنة من طلاب الاصلاح والتبديل فكتب في امورهم إلى الخليفة يقول : انه قدم على اقوام ليست لهم عقول ولا أديان . أضجرهم العدل . لا يريدون الله بشيء ولا يتكلمون بحجة . إنما همهم الفتنة وأموال أهل الذمة ، والله مبتليهم ومختبرهم ثم فاضحهم ، وليسوا بالذين ينكون أحداً الا مع غيرهم . . ثم أخرجهم من دمشق إلى غيرها مستريحاً منهم بالنفي والاقصاء ، كانما دمشق وحدها من بلاد المسلمين هي التي ينبغي لها أن تستريح . وهكذا تعاقبت السنون وكل سنة تزيد معاوية وفرة من أسباب الرضا والاستقرار وقلة من أسباب القلق والطموح الى التغيير ، حتى تحيزت له الشام عند مبايعة علي وفيها اعظم ما يتأتى في مثل ذلك العهد من دواعي السكينة واستدامة الحال، واقل ما يتأتى فيه من شواجر
-01-
— ٥٨ —