بضع عشرة سنة الى مبايعة على بالخلافة بعد مقتل عثمان . فاتسع له من فسحة الوقت وفسحة الرخاء مجال ممهد لتأسيس السلطان الأموي الذي لا ينازعه منازع من حوله . ولم يزل منذ تولاها عاملا على البقاء فيها واصطناع الأعوان المؤيدين له في حكمها . فلم يتوان في استرضاء رجل ينفعه رضاه ، ولم يقصر رعايته على الشرفاء دون السواد من الأتباع والأجناد . بل كان يُرضي كل من وسعه ارضاؤه ، وقد وسعت ثروة الشام كل صاحب حاجة مقيم عنده او ساع اليه . واشتهرت عنه هذه الخصلة حتى قصده أقرب الناس الى خصومه وأولاهم باجتنابه والنقمة عليه .. ومنهم عقيل أخو علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمرو بن الخطاب ، وعبد الله بن زمعة ، وعمرو بن العاص، وأناس من هذه الطبقة بين الشرفاء وذوي الأخطار . أراد عقيل من أخيه مالا يجريه عليه من بيت المال فأباه عليه لأنه ليس له بحق ، فتركه وأقبل على معاوية وهو يقول : « ان أخي خير لي في ديني ، ومعاوية خير لي في دنياي ، وقس على ذلك ما يصنعه الغرباء عن علي والمقربون من معاوية بالنسب والرجاء . قد همه ارضاء السواد والعامة ، كما همه ارضاء الشرفاء وذوي الأخطار .. وبلغ من إحكامه للسياسة واتقانه لها واجتذابه قلوب خواصه وعوامه ان رجلاً من أهل الكوفة دخل على بعير له الى دمشق في حال منصرفهم عن صفين، فتعلق به رجل من دمشق فقال : هذه ناقتي
1901
— ٥٥ —