فأي مصير لهذا الرجل غير الشهادة في زمن لم يعرف بطارىء من الطواريء ، كما عرف بالاقبال على الدنيا ؟ . .. صام الناس قبله عن الدنيا ، ثم أقبلوا على الدنيا العريضة بحذافيرها .. هدأت حماسة الدعوة النبوية ، وثابت الطبائع إلى مألوفها الذي اشرجت عليه ، وتدفقت الأموال من الأمصار المفتوحة على نحو لم تعهده الجزيرة العربية قط في تاريخها القديم .. وأقبل الناس على الدنيا ، بل هر ولوا إلى الدنيا ... واذا بخليفة جرى عليها زاهد فيها ، يقف لهم في طريقها ويصدهم عنها .. يصد ماذا ؟ .. يصد الطوفان، وهو مندفع من وراء السدود ... يصد الطبيعة الانسانية ، وهي منطلقة يصد ما لا سبيل الى صده بحال .. فهو مستعد لا محالة ولو مات سريره من. عقال التقوى .. .. فان الانسان قد يعيش عيشة الشهداء ، ولا يلزم بعد ذلك أن يموت ميتة الشهداء .. وقد لزمته آية الشهادة في كل قسمة كتبت له ، وكل حركة سعى اليها أو سعت اليه ...
271A-
— ٢١٨ —