يشيرون إلى أعدائه : « يا أمير المؤمنين نحن نكفيكهم ، فقال : « ما تكفونني أنفسكم فكيف تكفونني غيركم ؟ ان كانت الرعايا قبلي لتشكو حيف رعاتها ، وانني اليوم لأشكو حيف رعيتي ، كانني المقود وهم القادة ، أو الموزوع وهم الوزعة ) . ورثى محمداً بن أبي بكر حين بلغه مقتله على أيدي اصحاب معاوية فقال : ( ان حزننا عليه قدر سرور هم به ، الا انهم نقصوا بغيضا ونقصنا حبيباً " . فكل نمط من انماط كلامه ، شاهد له بالملكة الموهوبة في قدرة الوعي وقدرة التعبير .. فهو ولا شك من ابناء آدم الذين علموا الأسماء وأوتوا الحكمة ، وفصل الخطاب . وقد أخطأ « موير Moyer المؤرخ الانجليزي حين قال ان عليا حكيم كسليمان ، وهو مثله حكمته لغيره .. يعني أنه ينصح الناس ولا ينتفع بالنصيحة، فان موير ( أحجى أن يفرق بين عمل الانسان بنصحه وبين انتفاعه بنصحه . ولا شك أن علياً كان من العاملين بما يقولون ومن المنتصحين بما ينصح به الناس . أما أنه ينتفع بحكمته ، فالطبيب لا يقدح في علمه أنه قد أعياه علاج نفسه بطبه .. فقد يكون الاخفاق من استعصاء الداء لا من صحة الدواء .
ولا يفوتنا أن بعض هذه النصائح ، قد نسب الى قالة من الأوائل غير
- ٢٠٤ -
— ٢٠٤ —