انتقل إلى المحتوى

صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/200

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

فهذه عقيدة لا تظهر من رجل يمني من أهل الجزيرة ، اذا تخيلنا أن الجزيرة في حضارتها أو بداوتها بمعزل عن ثقافات الهند والفرس والروم وبني اسرائيل ، وان الأمة العربية تخلو من اناس سمعوا بالعقائد والفلسفات من طريق القدوة الدينية، أو طريق المحاكاة الاجتماعية ، او طريق الدراسة والسماع .. وقد كانت عاصمة الامام في الكوفة. وكانت مثابة الغادين والرائحين من أبناء الحضارات المعروفة في العالم باسره ، ومن المسلمين الذين عاشوا بها أو بجوارها أناس كانوا ينظرون في كتب الفرس ويعجبون بحكمتها كما جاء في سيرة عمر بن الخطاب ، ومنهم من كان ينظر في النجوم على طريقة الفرس والروم، وحذر بعض هؤلاء الامام أن يسير الى حرب الخوارج في طالع كواكب من الكواكب المنحوسة ، فقال له : ( أتزعم أنك تهدي الى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء ؟. فمن صدق بهذا فقد كذب القرآن ، واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه " ..

ثم أقبل على الناس بالنصح والموعظة ، قائلا : ( اياكم وتعلم النجوم، الا ما يهتدى به في بر أو بحر فانها تدعو الى الكهانة ، والمنجم .. كالكاهن ، والكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار ! )

وقد لبث علي بن أبي طالب زهاء ثلاثين سنة منقطعاً أو يكاد ينقطع

— ٢٠٠ —