!
ألسنة العرب ، فقال له : اكتب ما أملي عليك، ثم أملاه أصولاً منها : ان كلام العرب يتركب من اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى ، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسم ولا فعل .. وان الأشياء ثلاثة : ظاهر ، ومضمر، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر .. وانما تتفاوت العلماء في معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر .. يعني اسم الاشارة على قول بعض النحاة ، ثم قال لأبي الأسود : انح هذا النحو يا أبا الأسود .. فعرف العلم باسم النحو من يومها . وهذه رواية تخالفها روايات شتى تستند الى المقاربة بين اللغات الأخرى في اشتقاق أصولها النحوية ، ولاسيما السريانية واليونانية ... ولكن الروايات العربية لا تنتهي بنا الى مصدر أرجح من هذا المصدر ، وغيرها من الروايات الأجنبية والفروض العلمية لا يمنع عقلا ان يكون الامام أول من استنبط الأصول الأولى لعلم النحو العربي من مذاكرة العلماء بهذه الأصول بين أبناء الأمم التي تغشى الكوفة ، حواضر العراق والشام ، وهم هنالك غير قليل، ولاسيما السريان الذين سبقوا الى تدوين نحوهم، وفيه مشابهة كبيرة لنحو اللغة العربية . وليس الامام علي أول من كتب الرسائل، وألقى العظات ، وأطال الخطب على المنابر في الأمة الاسلامية .. ولكنه ولا ريب أول من عالج هذه الفنون معالجة أديب ، وأول من أضفى عليها صبغة الانشاء الذى يقتدى به في الأساليب .. لأن الذين
١٩٧
— ١٩٧ —