ولا يشك في نسبته الى الامام أو في جواز نسبته اليه قسط واف لتحقيق رأي القائلين بسبق الامام في مضمار علم الكلام ، واعتراف المعترفين له بالأستاذية الرشيدة لكل من لحق به من أصحاب الآراء والمقولات . وهو على جملته خير ما يعرف به المؤمن ربه وينزه به الخالق في كماله ، ومن أمثلته قوله : ( الحمد لله الذي لم يسبق له حال حالاً ، فيكون أولاً قبل أن يكون آخراً ، ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً ، كل مسمى بالوحدة غيره قليل ، وكل عزيز غيره ذليل ، وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ، وكل عالم غيره متعلم ، وكل قادر غيره يقدر ويعجز ، وكل سميع غيره يصم عن أطيف الأصوات ، ويصمه كبيرها. يذهب عنه ما بعد عنها، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام، وكل ظاهر غيره باطن ، وكل باطن غيره ظاهر ، لم يخلق من خلقه لتشديد سلطان ولا تخوف من عواقب زمان، ولا استعانة على من شاور ، ولا شريك مكاثر ، ولا ضد منافر ، ولكن خلائق مربوبون وعباد داخرون - أي ضارعون - لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن ، ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن ، لم يؤده خلق ما ابتدأ ولا تدبير ما ذراً ، ولا وقف به عجز عما خلق ، ولا ولجت عليه شبهة فيها مضى وقدر ، بل قضاء متقن ، وعلم محكوم وأمر مبرم مدري أما القضاء والفقه ، فالمشهور عنه انه كان أقضى أهل زمانه وأعلمهم بالفقه والشريعة .. أو لم يكن بينهم من هو أقضى منه وأفقه وأقدر على
- ١٩٥ -
— ١٩٥ —