مشہور ومثل علي لا يرزق صداقة الالفاء، لأنه من أصحاب المزايا التي تغري بالمنافسة أو بالحسد ولا تحميها المنافع ولا المسايرة والمداراة . فهو شجاع ، عالم، بليغ ، ذكي، موصول النسب بأعرق الارومات .. فان لم يحسد هذا ، فمن يحسد ؟.. وان حسيد ، فما الذي يفل من غرب حاسديه ؟ .. وما الذي يفيء بهم الى القصد في عدائه والتأليب عليه ؟ .. انهم يستبعدون يومه في الامارة والسلطان ، واذا استقربوا يومه في الامارة والسلطان فلا مطمع لهم في النفع على يديه وهو قوام بالقسط على الأموال والحقوق ، فنصيبه اذن منهم نصيب المحسود الذي لا رجاء له في هوادة من حاسديه ، وليس أحقد من الناس على صاحب عظمة لم يطمعوا في نفعه ولم يزالوا على طمع في النفع من خصومه ، وبليته بهم أكبر وأدهى حين لا يصطنع الدهان ولا يعمد معهم الى الختل والروغان.. وعلى انه لو داهنهم وراوغهم لما اغتفر وا له ذنب العظمة التي لا تحميها حماية من طمع أو نكاية ، أو كما قال الحكيم الغربي : « ان نسي انه أسد لم ينسوا انهم كلاب ) .
وهكذا فرضت على الرجل العظيم ضريبة العظمة الغريبة في ديارها وبين آلها وأنصارها ..
- ١٨٥ -
— ١٨٥ —