انتقل إلى المحتوى

صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/164

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

في جميع عواقبها ، ولا تخلو من الخير على غير قصد من ذويها .. فإن هذه الفتنة قد أغرب أعداء الاسلام بالانتظار ، وأوقعت في روعهم أنهم غنيون عن التحفز والوثوب الذي يشق عليهم جهده ، وهم في تلك الحالة من الجهد والإعياء .. فقنعت دولة الروم بهجمات ضعيفة تلقاها معاوية بالجلد والأناة ، وألهى القوم عنه ببعض الأتاوات والنوافل .. فتراجعوا متربصين الى أن يقضي الخلاف بين المسلمين قضاءه ، وهم وادعون مكفيون شر القتال .. فكان هذا الانتظار الخادع جانباً من جوانب الخير في الفتنة الاسلامية التي فاضت يومئذ بالشرور . وعلى هذا انقضت أيام علي وليس للحكومة الاسلامية سياسة خارجية تحسب من سياسة الفتوح، أو سياسة الدفاع ، أو سياسة المفاوضة والاستطلاع وكل ما يدور الكلام عليه عن حكومة علي ، فهو من قبيل سياسة الحكم بينه وبين رعاياه ، أو هو السياسة الداخلية كما نسميها في العصر الحديث ..

ومن اليسير أن نعرف سياسة الامام بينه وبين رعاياه ، بغير حاجة الى الاطالة في التعريف وسرد الأمثال .. لأنها سياسة الرجل الذي شاء القدر أن يجعله فدية للخلافة الدينية في نضالها الأخير مع الدولة الدنيوية .

-171-

— ١٦٤ —