المنافع وباءوا من أجلها بدم خليفة ، واجتمعوا على التمرد قاصدين أو غير قاصدين .. فلا يديرون أنفسهم الى نهج كنهج معاوية ولو أرادوه. وأغلب الظن أن علياً كان يخسر بهذه السياسة أولئك الذين أحبوه ، ولا يربح بها أولئك الذين أبغضوه . فقد حببته آداب الخلافة إلى كل طبقة تكره استغلال الحكم ، ولا مطمع لها فيه .. فكل بلاد خلت من عصبة المرشحين للحكم ، فقد كانت من حزبه وشيعته بغير استثناء ، فكان من حزبه شعب اليمن ومصر وفارس والعراق ، ونشأت في اليمن - وقد عهدت حكمه قديماً ـ تلك الطائفة السبئية التي غلت في حبه حتى ارتفعت به الى مرتبة التقديس ، وانتشرت في مصر وفارس بذور تلك الشيعة الفاطمية والامامية التي ظلت كامنة في تربتها حتى أخرجت شطأها بعد أجيال، وشدت الشام لأنها كانت في يد معاوية ، وشدت أطراف من العراق أول الأمر لأنها كانت في طلحة والزبير ، ولم يشذ عن هذه القاعدة بلد من البلدان الاسلامية أقصاها إلى أقصاها .. فلولا ان سواد الناس لا يعملون بغير عصبة من القادة ، وان العصب من القادة كانوا كلما وجدوا في بقعة من البقاع وجد معهم النفع والاستغلال.. لقد كانت محبة أولئك السواد أنفع من عصب معاوية أجمعين من .. فأغلب الظن - كما أسلفنا - ان عليا كان يخسر هؤلاء باتباعه سياسة الدولة الدنيوية ، ولا يكسب العصب التي ناصبته العداء ، وأيقنت انه
- ١٥٩ -
— ١٥٩ —