فاذا نظرنا الى عائق العصبية الذي قدمناه ، فلا نرى شيئاً أقرب الى طبائع الأمور من سبق هؤلاء الثلاثة بأعيانهم الى ولاية الخلافة بعد النبي عليه السلام ، لأنهم أقرب الناس أن يختارهم المسلمون بعد خروج العصبية الهاشمية من مجال الترجيح والترشيح . فليس أقرب الى طبائع إلى الأمور في بلاد عربية اسلامية من اتجاه الأنظار إلى مشيخة الاسلام في السن والوجاهة والسابقة الدينية، لاختيار الخليفة من بينها على السنة التي لم تتغير قط في تواريخ العرب الأقدمين ، ولم يغيرها الاسلام بحكم العادة ولا يحكم الدين .
ولم يكن الامام عند وفاة النبي من مشيخة الصحابة التي تثول اليها الرئاسة بداهة بين ذوي الأسنان ، ممن مارسوا الشورى والزعامة في حياته عليه السلام .. لأنه كان يومئذ فتى يجاوز الثلاثين بقليل. وكان أبو بكر وعمر وعثمان قد لبثوا في جوار النبي بضع عشرة سنة قبل ظهور علي في الحياة العامة ، وهم يشيرون على النبي ويخدمون الدين ويجمعون الأنصار ويُدان لهم بالتوقير والولاء . والعائق الذي قام بين علي وبين الخلافة هو في طريق هؤلاء الثلاثة السابقين تمهيد وتقريب .. ونعني به عائق العصبية الهاشمية ..
- ١٥٣ -
— ١٥٣ —