مكة : « لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً ) . فہو الملك ، أو جاه الدنيا ، الذي تطلع اليه من نشأته الأولى في بيته .. وانتظر ثم انتظر حتى لاقاه على قدر ، فوضع في موضعه وقام به الموضع كما قام به، ونجحا معاً على التوافق والرفاء . وحين وجب أن يقع الفصل بين الملك والخلافة ، وجب ان يكون على رأس فريق الخلافة . وحين وجب أن يقع الفصل بين اصحاب المنافع الراغبين في دوام المنفعة ، وبين أصحاب المبادىء والظلامات الراغبين في التبديل والاصلاح وجب ان يكون على رأس هذا الفريق دون ذلك الفريق . وحين وجب هذا وذاك وجوباً لا حيلة فيه للمتحول ، ولا اختيار فيه للمختار ، رجب أن تصير خلافة على الى ما صارت اليه ، كائناً ما كان خطره من الدهاء والخدعة ، وكائناً ما كان طريقه الذي ارتضاه هو أو أشار به المشيرون عليه .
وقد يحسن بالمؤرخ بعد الموازنة بين عدة الخلافة وعدة الملك في صراع علي ومعاوية ، أن يذكر عدة أخرى لم تظهر في هذا الصراع ، وقـــــد ظهرت في مآزق شتى من أحرج مآزق التاريخ ، واعتمد عليها أبطاله
الكبار كثيراً في تأسيس الدول وقمع الثورات ، فاختصروا الطريق
— ١٤٣ —