وعمر بن العاص يقول عن عدة النجاج في طلب الخلافة : « انه لا يصلح لهذا الأمر الا رجل له ضرسان، يأكل بأحدهما ويطعم بالآخر " وهذه هي أسباب النصر والهزيمة على حقيقتها ، الا انها تظل ناقصة ما لم نقرنها بحقيقة أخرى ، وهي أن هزيمة معاوية كانت مرجحة - بل مؤكدة - لو انه وضع في موضع علي ، وابتلي بالأسباب التي ابتلي بها . فالبلاد كله انما كان في خبث الأجناد وشدة خلافهم ، ولهذا كان سر علي يعرف وسر معاوية يكتم .. لأن معاوية يطاع ونيته في صدره ، وعليا لا يطاع إلا اذا سئل عن نيته وما يحل منها أو يحرم في رأي أتباعه . وكذلك كانت تُفاجئه الحوادث لأنه كان يروي فيها ما يروي ، ولا ينفذ من رؤيته الا الذي ينساق اليه هو وأتباعه آخر المطاف بحكم الضرورة الحازبة ، وقد بطل الجدل وبطل من قبله التدبير ولو أن معاوية كتب عليه أن يحارب جنداً مطيعاً يجند عصاة، لماطمع في حظ أوفق من حظ علي في ذلك الصراع المتفاوت بين الخصمين .. ولو استعان بكل ما أعين به من رشوة الأنصار وكيد الخصوم ، بل لعله كان يُخفق حيث أفلح قرنه على قدر ما بينهما من فارق في الشجاعة والسابقة الدينية ، وكذلك قال الامام : ( ان لبني أمية مروداً يجرون
- ١٣٩ -
— ١٣٩ —