أذعن له الامام على كره منه ، سواء أذعن له وهو عالم بخطئه أو أذعن له وهو يسوي بينه وبين غيره في عقباه . ويبقى اعتزال الخلافة من البداية ، وهو خطة ترد على الخاطر حيال هذه المعضلات التي واجهها الامام ، ولم يكن عسيراً عليه أن يتوقعها بعد مقتل عثمان وشيوع الفتنة والشقاق بين الأمصار كلها .. وشيوعهها قبل ذلك بين جنده الذي يعول عليه . ولكنها خطة سلبية لا يمتحن بها رأي ولا عمل ، ولا ترتبط بها تجربة ولا فشل .. وكل ما هنالك من أسباب ترجيحها أنها أسلم للامام وآمن لسربه وأهدأ لباله ، وهو أمر مشكوك فيه .. على ما في طلب السلامة بين هذه الزعازع من أثره ، قلما يرتضيها الشجاع الباسل أو الحكيم العامل . فمن السخف أن يخطر على البال ان رجلا كعلي بن أبي طالب، يترك وادعاً في سربه بين هذه الزعازع التي تحيط بالدولة الاسلامية في عصره... ان تركه الثوار وأعفوه من الحكم ، لم يتركه أصحاب السلطان ولم يعفوه من الدسيسة والايذاء ، لاعتقادهم انه باب من أبواب الخطر الدائم، وانه ما عاش فهو علم منصوب يفيء اليه كل ساخط وكل مصلح وكل مخالف على الدين أو على الدنيا . وقد قيل ان ابنه الحسن مات مسموماً في عهد معاوية خوفاً من لياذ الناس به ورجعتهم اليه . وقيل مثل
- ١٣٧-
— ١٣٧ —