وان معاوية أغرى به من دس له الشمر في عسل .. شربه وهو على حدود مصر فقضى نحبه ، ورُوي أن معاوية قال حين بلغه موته : « ان الله جنوداً من العسل . فان صحت الرواية ، واعتقد من اعتقد انها من دلائل السياسة القوية عند معاوية .. فمما لا شك فيه ان موت الأشتر ، لم يكن من دلائل السياسة الضعيفة عند الامام ، وانه لا لوم على سياسته في اغتياله ، ان كان فيه سبب ثناء على سياسة الغيلة عند من يحمدونها . ومن عجائب هذه القصة ان معاوية ندم على تقريب قيس من جوار علي ، وقال « لو أمددته بمائة ألف لكانوا أهون علي من قيس لأنه قد ينفعه وهو قريب منه بالمشورة عليه في عامة أموره ، ولا ينحصر نفعه له في سياسة مصر وحدها . ولكن الذي حذره معاوية لم يكن ، والذي حذره علي كان . واذا ولت الحوادث ، فقد ينفع الخطأ وقد يضير الصواب. ثم تأتي مسألة القصاص من قتلة عثمان التي كانت أطول المسائل جدلاً بين الامام وخصومه ، فاذا أقصرها جدلاً . براءة المقصد من الهوى مع برا وخلوص الرغبة في الحقيقة هي فقد طالبوه بالقود ولم يبايعوه، مع أن القود لا يكون الا من ولي الأمر
- ١٣٢ -
— ١٣٢ —