واذا هو أعرض عن رأيه الأول، فهل في وسعه أن يعرض عن آراء الثائرين الذين بايعوه بالخلافة لتغيير الحال والخروج من حكم عثمان الى الى حكم جديد ؟ . . ان هؤلاء الثائرين أشفقوا من نية الصلح مع طلحة والزبير في وقعة الجمل ، فبدأوا بالهجوم قبل أن يؤمروا به .. هجموا على أهل البصرة وهم مأمورون بالهدنة والاناة . فكيف تراهم يهدأون ويطيعون اذا علموا ان الولايات باقية على حالها ، وان الاستغلال الذي شكوا منه وسخطوا عليه لا تبديل فيه ؟ . وندع هذا وتزعم ان اقرار معاوية بجيلة من الحيل مستطاع .. فهل هو على هذا الزعم أسلم وأدنى الى الوفاق ؟ كلا .. على الأرجح ، بل على الرجحان الذي هو في حكم التحقيق لأن معاوية لم يعمل في الشام عمل وال يظل واليا طول حياته ، ويقنع بهذا النصيب ثم لا يتطاول الى ما ورائه ، ولكنه عمل فيها عمل صاحب الدولة التي يؤسسها ويدعمها له ولأبنائه من بعده .. فجمع الأقطاب من حوله ، واشترى الأنصار بكل ثمن في يديه، وأحاط نفسه بالقوة والثروة واستعد للبقاء الطويل ، واغتنام الفرصة في حينها .. فأي فرصة هو واجدها خير من مقتل عثمان والمطالبة بشاره ؟ وانما كان مقتل عثمان فرصة لا يضيعها ، والا ضاع منه الملك وتعرض
- ١٢٥ -
— ١٢٥ —