وقد شاع هذا الرأي في عصر علي بين أصحابه ، كما شاع بين اعدائه ، وعزز القول به انه خالف الدهاة من العرب فيما أشاروا به عليه ، وانه لم ينجح بعد هذه المخالفة في معظم مساعيه ، فكان من الطبيعي أن يقال انه مني بالفشل لأنه عمل بغير ما أشار به أصحابه الدهاة ، وأنه هو لم يكن من اصحاب الخدع الناجحة في الحرب أو السياسة وقد يكون كذلك أو لا يكون ، فسترى بعد البحث في آرائه وآراء المشيرين عليه أي هذين القولين أدنى إلى الصواب . ولكن هل خطر لأحد من ناقديه في عصره أو بعد عصره ، أن يسأل نفسه : أكان في وسع علي أن يصنع غير ما صنع ؟ وهل خطر لأحد منهم أن يسأل بعد ذلك : هبه استطاع أن يصنع غير ما صنع فما هي العاقبة .؟.. وهل من المحقق انه كان يفضي بصنيعه الى عاقبة أسلم من العاقبة التي صار اليها ؟.. لم نعرف أحداً من ناقديه ، خطر له أن يسأل عن هذا أو ذاك .. مع ان السؤال عن . هذا وذاك هو السبيل الوحيد الى تحقيق الصواب والخطأ في رأيه ورأي مخالفيه ، سواء كانوا من الدهاة أو غير الدهاة ..
والذي يبدو لنا نحن من تقدير العواقب على وجوهها المختلفة أن العمل
— ١٢٠ —