انتقل إلى المحتوى

صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/116

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

المصادفة السيئة التي لا تلقى تبعتها على أحد بعينه . فمها يقل القائلون ان عليا انما أصيب لأنه كان لا يتقي أحداً ، ولا يخرج الى المسجد بحرس ، فالواقع ان المصادفة السيئة قائمة هناك تفرق في عثرات الحظ بينه وبين زميليه اللذين سيقا معه الى مكيدة واحدة .. فخرجا منها بحظين غير حظه ، فان ابن العاص لم ينج من القتل لأنه خرج الى المسجد محروساً ، ولكنه نجا لأنه لزم بيته في تلك الليلة ، ومات صاحب شرطته الذي خرج في مكانه. ولم ينج معاوية لأنه خرج محروساً، ولكنه نجا لأنه أصيب وكانت اصابته غير قاتلة . فهي المصادفة السيئة مهما تلتمس لها علة من علل التاريخ ، ترجع بنا في آخر الأمر إلى علل المصادفات التي لا تقبل التعليل . وشي آخر تصوره لنا هذه الخاتمة الفاجعة ، كما تصوره لنا البيعة كلها من قبل ابتدائها الى ما بعد انتهائها . وذلك هو النسيج الانساني النابض الذي يتخلل حياة علي في لحمتها وسداها ، وفي تفصيل أجزائها وجملة فحواها، فما من حادثة من حوادث هذه الحياة النبيلة إلا وهي معرض حافل للعواطف الانسانية برمتها ، تلتقي فيه عوامل النخوة والشجاعة والوفاء والايمان والسماحة ، وتشتبك فيه مطامع الناس وأشواقهم وظواهرهم وخفاياهم .. ذلك الاشتباك الذي يخلقه الشعراء خلقاً في القصص والملاحم ، فلا يحكمونه بعض إحكام

الواقع الملموس في سيرة الامام . وقد أسلفنا في صدر هذا الكتاب انها

— ١١٦ —