سانحة للغلبة ، وقال له على مسمع من الناس : « يا أمير المؤمنين .. نفدت نبالنا ، وكلت سيوفنا ، ونصلت أسنة رماحنا ، فارجع بنا الى مقرنا لنستعد بأحسن عدتنا ، ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من هلك منا ، فانه أو فى لنا على عدونا » . وتسلل الجند من معسكرهم ، ولاذ من لاذ بالمدن القريبة منهم ، وأيقن علي ان القوم مارقون من يده ، ولا طاعة له عليهم اذا دعاهم بعدها لقتال . .. أما معاوية فقد علا نجمه بين قومه وأعانه طلاب المنافع عامدين ، وأعانه الخوارج غير عامدين ، فحاربوا عليا ولم يحاربوه، وطلبوا التوبة من علي ولم يطلبوها منه ، واستمر هو في إنفاذ البعوث والسرايا الى كل موضع آنس منه غرة وظن بزعمائه موجدة أو سآمة . فلم تنقض سنتان حتى كانت معه مصر والمدينة ومكة ، وبقي علي في أرباض الكوفة يائساً منعزلاً عن الناس، يتمنى الموت كما قال في بعض خطبه ، ويوجس شراً من أقرب المقربين اليه ، وانتهى بقبول المهادنة بينه وبين معاوية على أن تكون له العراق والمعاوية الشام، ويكفا السيف عن هذه الأمة ، فلا نزاع ولا قتال ...
١١٢-
— ١١٢ —