في سياسة أصحابه . فانه لم يفرغ من التحكيم الذي أذعن له وهو كاره ، حتى فوجىء بطائفة أخرى من أنصاره يرمونه بالكفر لأنه قبل ذلك التحكيم ، وزعموه قبولا للتحكيم في كلام الله وفي دماء المسلمين، وهو عندهم كفر بواح ، أولئك هم الخوارج الذين حاربوه بالسلاح ، وكانوا يحرمون عليه حرب معاوية قبل ذلك ! ثم اجتمع الحكمان بدومة الجندل التي وقع عليها الاختيار لتكون وسطا بين العراق والشام . ولم يكن قرار الحكمين خافياً على من عرفوا أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص، فان أبا موسى لم يكتم قط أن السلامة في اجتناب الفريقين والقعود عن القتال ، فليس أيسر من اقناعه بخلع صاحبه وخلع معاوية على السواء . ثم يرجع الرأي الى عمرو بن العاص في اقرار هذا الخلع أو الاحتيال فيه بالحيلة التي ترضيه . إلا ان الدهاة من العرب، كانوا يتوقعون من عمرو بن العاص أن يحتال لنفسه حتى يفرغ وسعه قبل أن يحتال لصاحبه الذي أنابه عنه ومن هؤلاء الدهاة المغيرة بن شعبه الذي اعتزل الفريقين من مطلع الفتنة الى يوم التحكيم ، فلما اجتمع الحكمان علم أنها الجولة الأخيرة في الصراع. فخرج من عزلته ودنا ليستطلع الأمور ، على سنة الدهاة من أمثاله ، إذ يتنسمون الريح قبل هبوبها ، ولا يقلقون أنفسهم بمهبها
-1.0-
— ١٠٥ —