انتقل إلى المحتوى

صفحة:طه حسين ط 1926 في الشعر الجاهلي.pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

-٦٦-

«طبقات الشعراء». وهو يحدّثنا بأكثر من هذا؛ يحدّثنا بأن قريشا كانت أقل العرب شعرا في الجاهلية، فاضطرها ذلك الى أن تكون أكثر العرب انتحالا للشعر فى الاسلام. وابن سلام يحدثنا عن يونس بن حبيب أنه نقل عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقول: ما بقي لكم من شعر الجاهلية إلا أقله ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير.

ولابن سلام مذهب من الاستدلال لإثبات أن أكثر الشعر قد ضاع، لا بأس بأن نلم به إلمامة قصيرة، فهو يرى أن طَرَفة بن العبد وعَبِيد بن الأبرص من أشهر الشعراء الجاهليين وأشدّهم تقدّما، وهو يرى أن الرواة الصحيحين لم يحفظوا لهذين الشاعرين إلا قصائد بقدر عشر. فهو يقول: إن لم يكن هذان الشاعران قد قالا إلا ما يُحفظ لهما فهما لا يستحقّان هذه الشهرة وهذا التقدّم؛ واذن فقد قالا شعرا كثيرا ولكنه ضاع، ولم يبق منه إلا هذا القليل. وشق على الرواة أو على غير الرواة ألا يروى لهذين الشاعرين إلا قصائد بقدر عشر فأضافوا اليهما ما لم يقولا، وحُمل عليهما كما يقول ابن سلام حمل كثير.

ولكن ابن سلام لا يقف عند هذا الحدّ، بل هو ينقد ما كان يرويه ابن إسحاق وغيره من أصحاب السير من الشعر يضيفونه الى عاد وثمود وغيرهم، ويؤكد أن هذا الشعر منحول مختلق. وأي دليل على ذلك أوضح من هذه النصوص القرآنية التي تثبت أن اللّه قد أباد عادا وثمود ولم يبق منهم باقية!.