المختصة تفسير قوله تعالى : ( وإذا أذقنا الناس رحمة ) الخ ٩٣ وأجيب بأنا لا نسلم أن عنادهم هو الصارف وقد يجاب المعاند والآية وإن دلت على بقائهم على العناد وإن جاءت لم تدل على أن العناد هو الصارف . واختار بعض المحققين أن ما اقترحتموه وزعمتم أنه من لوازم النبوة وعلقتم إيمانكم بنزوله من الغيوب به سبحانه لا وقوف لى عليه فانتظروا نزوله إلى معكم. من المنتظرين لما يفعل الله تعالى بكم لاجترائكم على مثل هذه العظيمة من جحود الآيات، واقتراح غيرها ، واعترض على ماقيل بأنه يأباه ترتيب الأمر بالانتظار على اختصاص الغيب به تعالى ، والذي يخطر بالبال أن سؤال القوم قاتلهم الله تعالى . تضمن لدعوى أن الصلاح في إنزال آية مما اقترحوا حيث لم يعتبروا مانزل ولم يلتفتوا اليه فكأنهم قالوا : لاصلاح في نزول مانزل وانما الصلاح في إنزال آية مما نقترح فلو لا نزلت وفى ذلك دعوى الغيب بلا ريب فأجيبوا بأن الغيب مختص بالله فهو الذي يعلم مابه الصلاح لا أنتم ولا غيركم ثم قال سبحانه: (فانتظروا) الخ على معنى و إذا كان علم الغيب مختصا بالله تعالى وقد ادعيتم من ذلك ما ادعيتم وطعنتم فيها طنعتم فانتظر وا نزول العذاب بكم إلى معكم من المنتظرين إياه ، ولا يرد على هذا ما أورد على غيره ولا ما عسى أن يورد أيضا فتأمل 03
وإذا أذقنا الناس رحمة كم كالصحة والسمة و من بعد ضراء مستهم ) أي خالطتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم، وإسناد الماس إلى الضر ا مبعد استاد الاذاقة إلى ضمير الجلالة من الآداب القرآنية كما في قوله تعالى: ( وإذا مرضت فهو يشفين ( ونظائره وينبغى التأدب فى ذلك ففى الخبر « اللهم إن الخير بيديك والشر ليس اليك ، والمراد بالناس كفار مكة على ما قيل لماروى أن الله تعالى سلط عليهم القحط سنين حتى كادوا سبع يهلكون فطلبوا منه أن يدعو لهم بالخصب ووعدوه بالايمان فلم ادعا لهم ورحمهم الله تعالى بالحياء طفقوا يطعنون في آياته تعالى ويعاندونه عليه الصلاة و السلام ويكيدونه وذلك قوله سبحانه : ( إذا لهم مكر فى ايتنا ) أي بال ى بالطعن فيها و عدم الاعتداد بها . بها والاحتيال فى دفعها، والظاهر أن المراد بالآيات الآيات القرآنية. وقيل: المراد بها الآيات التكوينية كانزال الحياء ، ومكرهم فيها إضافتها إلى الاصنام والكواكب . وقيل : إن ( الناس) عام لجميع الكفار، ولا يجوز حمله على ما يشمل العصاة كما لا يخفى، وكانت العرب تضيف الامطار وكذا الرياح والحر والبرد إلى الانواء ، وهو جميع نوء مصدر ناء ينوء إذا نهض بجهد ومشقة ويقال ذلك أيضا إذا سقط فهو من الاضداد ، ويطلق على النجم الذى هو أحد المنازل الثمانية والعشرين التي ذكرناها فيما سبق وهو المراد في كلامهم إلا أن الاضافة اليه باعتبار سقوطه مع الفجر وغروبه ما هو المشهور أو باعتبار طلوعه ذلك الوقت كما قال الاصمعي . وقد عد القائل بتأثير الانواء كافرا فقد روى الشيخان . وأبو داود والنسائي عن زيد بن خالد قال : وقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال الله تعالى أصبح من عبادى مؤمن بي وكافر بالكوكب وكافر بي ومؤمن بالكوكب فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بى كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب ) ولعل كون ذلك من الكفر بالله تعالى مبنى على زعم أن للكواكب تأثيرا إختيار يا ذاتيا في ذلك وإلا فاعتقاد أن التأثير عندها لابها ما هو المشهور من مذهب الاشاعرة في سائر الإسباب ليس بكفر ما نص عليه العلامة ابن حجر ، وكذا اعتقاد أن التأثير بها على معنى