جلاله من باب الاشارة في الآيات ٩١ من أن يشركوا بي شيئا ( وبشر الذين آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم ( سابقة عظيمة وقربة ليس لأحمد مثلها ، وقيل : سابقة رحمة أودعها في محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ( قال الكافرون ) أي المحجوبون عن الله تعالى ( إن هذا ( أى الكتاب الذى جاء به محمد صلى الله تعالى عليه وسلم (السحر .بين) لما رأوه خارجا عن قدرهم واحتجبوا بالشيطنة عن الوقوف على حقيقة الحال قالوا ذلك ) إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة أيام أى أوقات مقدار كل يوم منها دورة الفلك الأعظم مرة واحدة كما نص عليه الشيخ الاكبر والسنة عدد تام واختاره الله تعالى لما فيه من الأسرار ) ثم استوى على العرش ) أي الملك ( يدبر الأمر ) على وفق حكمته بيد قدرته ، وقد يفسر العرش بقلب الكامل فالكلام إشارة إلى خلق الانسان الذي انطوى فيه العالم بأسره ( ما من شفيع ( يشفع لأحد بدفع ما يضره أو جلب ما ينفعه (الامن بعد إذنه)، وهبة الاستعداد ثم بتوفيق الأسباب ( ذلكم ) الموصوف بهذه الصفات الجميلة ( الله ربكم ) الذي يريكم و يدبر أمركم فاعبدوه فخصوه بالعبادة واعرفوه بهذه الصفات ولا تعبدوا الشيطان ولا تحتجبوا عنه تعالى فتنسبوا قوله وفعله إلى الشيطان ( أولا تذكرون ( آياته التى خطها بيد قدرته فى صحائف الآفاق والانفس فتتفكروا فيها وتنزجروا عن الشرك به سبحانه (اليه مرجعكم جميعا ) بالعود إلى عين الجمع المطاق في القيامة الصغرى أو إلى عين جمع الذات بالفناء فيه تعالى عند القيامة الكبرى كذا قيل، وقال بعض العارفين: إن مرجع العاشقين جماله و مرجع العارفين و مرجع الموحدين كبرياؤه ومرجع الخائفين عظمته و مرجع المشتاقين وصله و مرجع المحبين دنوه ومرجع أهل العناية ذاته، وقال الجنيد قدس سره فى الآية: إنه تعالى منه الابتداء واليه الانتهاء وما بين ذلك مرابع فضله و تواتر نعمه (وعد الله حقا انه يبدأ الخلق ثم يعيده) أى يبدؤه في النشأة الأولى ثم يعيده في النشأة الثانية أو يبدأ الخلق باختفائه وإظهارهم ثم يعيده با فنائهم وظهوره ( ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ( أى يفعل ذلك ليجزى المؤمن والكافر على . ما يقتضيه عمل كل ) هو الذي جعل الشمس ضياء ) أى جعل شمس الروح ضياء الوجود (والقمر) أي قمر القلب (نورا وقدره منازل ) أى مقامات ( لتعلموا عدد السنين ( أى سنى مراتبكم وأطواركم في المسير اليه وفيه تعالى ( والحساب) أى حساب درجاة حكم ومواقع أقدامكم فى كل مقام ومرتبة ، ويقال : جعل شمس الذات ضياء للارواح العارفة وجعل قمر الصفات نورا للقلوب العاشقة ففنيت الأرواح بصولة الذات في عين الذات وبقيت القلوب بمشاهدة الصفات في عين الصفات وهذه الشمس المشار اليها لا تغيب أصلا عن بصائر الأرواح ومن هنا قال قائلهم : هي الشمس الا أن للشمس غيبة وهذا الذي نعنيه ليس يغيب (إن في اختلاف الليل ( أى غلبة ظلبة النفس على القلب ( والنهار ) أى نهار اشراق ضو بالروح عليه ( وما خلق الله في السموات ( أى سموات الارواح ( والارض ( أى أرض الإجساد ( لآيات لقوم يتقون) حجب صفات النفس الامارة ( إن الذين امنوا وعملوا الصالحات يهديهم وبهم بايمانهم ) أي يوصلهم إلى الجنات الثلاث بحسب نور إيمانهم فقوله سبحانه : ( تجرى من تحتهم الأنهار فى جنات النعيم) كالبيان لذلك (دعواهم) الاستعدادى (فيها) أى فى تلك الجنات ( سبحانك اللهم إشارة إلى تنزيهه تعالى والتنزيه في الأولى عن الشرك في الأفعال بالبراءة عن حولهم وقوتهم وفى الثانية عن الشرك في الصفات بالانسلاخ عن صفاتهم و في الثالثة
صفحة:روح المعاني11.pdf/91
المظهر