انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني11.pdf/88

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٨٨
تفسير روح المعاني

M تفسير روح المعانى ولدا وكذتم نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وما جاء به من عنده سبحانه وأما بقوله تعالى . ( ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا ) الخ على أن يكون قوله تعالى : ( ثم جعلناكم خلائف) وقوله سبحانه : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ) إلى هذا أعلاما بأن المشركين الذين بعث اليهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واستنوا بسنن من قبلهم فى تكذيب آيات الله تعالى والرسل عليهم الصلاة والسلام ويكون هذا عودا إلى الأول بعد الفراغ من قصة المشركين ، وقيل : وجه تعلقها بما تقدم أنهم إنما سألوه صلى الله تعالى عليه وسلم تبديل القرآن لما فيه من ذم الهتهم الذين افتروا في جعلها آلهة ، وقيل : إن الآية توطئة لما بعدها ولا يخفى أن الأول هو الأنسب بالمقام وأوفق بالفاء وأبعد عن التكلف وأقرب انسياقا إلى الذهن السليم ( أنَّه ) أى الشأن لا يفاح المجرمُونَ (١٧) أى لا ينجون من محذور ولا يفوزون بمطلوب ، والمراد جنس المجرمين فيندرج فيه المفترى والمكذب اندراجا أوليا ، ولا يخفى ما فى اختيار ضمير الشأن من الاعتناء بشأن ما يذكر بعده من أول الأمره ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ) حكاية الجناية أخرى لم وهي عطف على قوله سبحانه : ( وإذا تتلى عليهم ) الآية عطف قصة على قصة ، و من دون فى وضع الحال من فاعل ( يعبدون ) أي متجاوزين الله تعالى إما بمعنى ترك عبادته سبحانه بالكلية لأنها لا تصح ولا تقع عبادة مع الشركة أو بمعنى عدم الاكتفاء بها وجعلها قرينا لعبادة غير مسبحانه ما اختاره البعض ، و (ما ) إما موصولة أو موصوفة ، والمراد بها الاصنام، و معنى كونها لا تضر ولا تنفع أنها لا تقدر على ذلك لأنها جمادات ، والمقصود من هذا الوصف نفي صحة معبوديتها لأن من شأن المعبود القدرة على ماذكر ، وقيل : المعنى لا تضرهم إن تركوا عبادتها ولا تنفعهم إن عبدوها و المقصود أيضا نفى صحة معبوديتها لأن من شأن المعبود أن يثيب عابده ويعاقب من لم يعبده ، والفرق بين التفسيرين على ماقاله القطب اطلاق النفع والضر فى الأول والتقييد بالعبادة وتركها في الثاني ، وقيل: المقصود على الأول من الموصول الاصنام بعينها وعلى الثانى فاقد أوصاف المعبودية، ويجوز أن يدخل فيه غير الاصنام من الملائكة والمسيح عليهم السلام ، والظاهر أن المراد هنا الأصنام لأن العرب إنما كانوا يعبدونها وكان أهل الطائف يعبدون اللات وأهل مكة العزى ومناة وهبل واسافا ونائلة ) ويقولون هؤلاء شفعاونا عند الله أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كان النضر بن الحرث يقول : إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى وفيه نزلت الآية . والظاهر أن سائر المشركين كانوا يقولون هذا القول ، ولعل ذلك منهم على سبيل الفرض والتقدير أى إن كان بعث كما زعمتم فهؤلاء يشفعون لنا ، فلا يقال : إن المتبادر من الشفاعة عند الله تعالى أنه في الآخرة وهو مستلزم للبعث وهم ينكرونه كما يدل عليه قوله تعالى : ( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت ) وكذا ما تقدم آنفا من قوله سبحانه : ( قال الذين لا يرجون لقاءنا ) فيلزم المنافاة بين مفاهيم الآيات ، وكأنه لذلك قال الحسن عليه الرحمة : إنهم أرادوا من هذه الشفاعة الشفاعة في الدنيا لاصلاح المعاش ، وحينئذ لا منافاة والجمهور على الأول ، ومن سبر حال القوم رآهم مترددين ولذلك اختلفت كلماتهم ، ونسبة الشفاعة للاصنام قيل باعتبار السبية وذلك لأنهم كما هو المشهوروضعوها على صور رجال صالحين ذوى خطر عنده هنده وزعموا