٨٦ تفسير روح المعاني وتقييد الادراء بذلك هو الذى يقتضيه المقام وحيث اقتصر بعضهم فى تقدير المفعول في الشرط على عدم التلاوة على التقييد بأن عدم الاعلام مطلقا ليس من لوازم الشرط الذي هو عدم مشيئة تلاوته عليه الصلاة والسلام فلا يجوز نظمه في سلك الجزاء ، ولم يظهر وجه الاقتصار على ذلك وعدم ضم عدم الادراء اليه مع أن العطف ظاهر فيه ، وفي إسناد عدم الادراء اليه تعالى المنبىء عن استناد الادراء اليه سبحانه أعلام بأنه لا دخل له عليه الصلاة والسلام في ذلك حسبما يقتضيه المقام أيضا . وفى رواية أبي ربيعة عن ابن كثير ( ولأدراكم ) بلام التوكيد وهي الواقعة في جواب (لو) أى لو شاء الله ما تلوته عليكم ولأعلمكم به على لسان أنه الحق الذي لا محيص عنه لو لم أرسل به لأرسل به غيرى ، وجيء باللام هنا للايذان بأن إعلامهم به على لسان غيره صلى الله تعالى عليه وسلم أشد انتفاء وأقوى ، ولعل (لا) في القراءة الأولى لأنه يغتفر فى التابع ما لا يغتفر فى المتبوع والا فهى لا تقع في جواب (لو) فلا يقال : لو قام زيد لا قام عمر و بل ما قام ، ومن هنا نص السمين على أنها زائدة مؤكدة للنفى ، وروى عن ابن عباس . والحسن ، وابن سيرين أنهم قرأوا (ولا أدر أتكم) باسناد الفعل الى ضميره صلى الله تعالى عليه وسلم كالفعل السابق ، والاصل ولا أدريتكم فقلت الياء ألفا على لغة من يقلب الياء الساكنة المفتوح . ما قبلها ألفا وهی لغة بلحرث بن كعب وقبائل من اليمن حتى قلبوا ياء التثنية ألفا وجعلوا المتنى فى جميع الاحوال على لفظ واحد وحكى ذلك غيرى على معنى قطرب عن عقيل وأخرج ابن جرير، و ابن المنذر. وغير هما عن الحسن انه قرأ ( ولا أدرأتكم) همزة ساكنة فقيل: إنها مبدلة من الالف المنقلبة عن الياء كما سمعت وقيل: إنها مبدلة من الياء ابتداء كما يقال في لبيت لبثت و على القولين هي غير أصلية، وجاء ذلك في بعض اللغات كما نص عليه غير واحد ، وجوز أن تكون أصلية على أن الفعل من الدر. وهو الدفع والمنع ويقال أدرأته أى جعلته دارتا أى دافعا ، والمعنى ولا جعلتكم بتلاوته خصماء تدرء وتى بالجـــــدال . وقرى. ( ولا أدرا كم ) بالهمز وتركه أيضا مع إسناد الفعل الى ضمير الله تعالى. وأخرج سعيد بن منصور, وابن جرير ان ابن عباس رضى الله تعالى عنهما كان يقرأ (ولا أنذرتكم به) ( فَقَدْ لَبنتُ فيكم عمرا ) نوع تعليل للملازمة المستلزمة ليكون ذلك بمشيئة الله عز وجل حسبما مر آنها واللبث الاقامة، ونصب ( عمرا) على التشبيه بظرف الزمان والمراد منه مدة ، وقيل : هو على تقدير مضاف أى مقدار عمر ، وهو : عمر ، وهو بضم الميم وقرأ الأعمش بكونها للتخفيف ، والمعنى قد أقمت فيما بينكم مدة مديدة وهى مقدار أربعين سنة تحفظون تفاصيل أحوالي وتحيطون خبرا بأقوالى وأفعالى ومن قبله ( أى من قبل نزول القرآن أو من قبل وقت نزوله ، ورجوع الضمير للتلاوة ليس بشيء لا اتعاطى شيئا ما يتعلق بذاك لا من حيث نظمه المعجز ولا من حيث معناه الكاشف عن أسرار الحقائق وأحكام الشرائع و أفلا تعة لون ١٦ أى ألا تلاحظون ذلك فلا تعقلون امتناع صدوره عن مثلى كونه منزلا من عند الله العزيز الحكيم فان ذلك غير خاف على من له عقل سليم و ذهن مستقيم بل العمري أن من كان له أدنى مسكة من عقل إذا تأمل في أمره صلى الله تعالى عليه وسلم وأنه نشأ فيما بينهم هذا الدهر الطويل من غير مصاحبة العلماء في شأن من الشؤون ولا مراجعة اليهم في فن من الفنون ولا مخالطة ووجوب
صفحة:روح المعاني11.pdf/86
المظهر