٨٢ تفسير روح المعاني معنى كون العلم تابعا للمعلوم ان علمه تعالى فى الازل بالمعلوم المعين الحادث تابع لماهيته بمعنى ان خصوصية العلم وامتيازه عن سائر العلوم إنما هو باعتبار أنه علم بهذه الماهية ، ، وأما وجود الماهية و فعليتها فيما لا يزال فتاب العلمه الازلى التابع لماهيته بمعنى انه تعالى لما علمها في الأزل على هذه الخصوصية لزم أن تتحقق وتوجد فيما لا يزال على هذه الخصوصية فنفس موتهم على الكفر وعدم إيمانهم متبوع العلمه تعالى الازلى ووقوعه تابع له وهذا مما لا شبهة فيه وهو مذهب أهل السنة رحمهم الله تعالى وبه ينحل اشکالات كثيرة فليحفظ . وذكر مولانا الشيخ ابراهيم الكوراني أن معنى كون العلم تابع للمعلوم أنه متعلق به كاشف له على ما هو عليه وبنى على ذلك كون الماهيات ثابتة غير مجعولة في ثبوتها ، والقول بالتبعية المذكورة مما ذهب اليه الشيخ الاكبر قدس سره ونازع في ذلك عبد الكريم الجيلي . وقال الشيخ محمد عمر البغدادى عليه الرحمة : إن كون العلم تابعا للمعلوم بالنظر إلى حضرة الأعيان القديمة التي أعطت الحق العلم التفصيلى بها وأما بالنظر إلى العلم الاجمالى الكلى فالمعلوم تابع للعلم لأن الحق تعالى لما تجلى من ذاته لذاته بالفيض الاقدس حصلت الاعيان واستعدادا ) فلم تحصل عن جهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وحينئذ فلا مخالفة بين الشيخ الاكبر قدس سره و الجيلى ، على أنه إن بقيت هناك مخالفة فالحق مع الشيخ لأن الجيلي بالنسبة إليه نحلة تدندن حول الحمى، والدليل أيضا مع الشيخ كنار على علم لكنه قد أبعد رضى الله تعالي عنه الشوط بقوله: العلم تابع للمعلوم والمعلوم أنت وأنت هو و البحث وعر المسلك صعب المرتفى تمام الكلام فيه يطلب من محله . واستفادة معنى العلم هنا على ما قيل من التأكيد الذي أفادته اللام ، وفي الآية وعيد شديد وتهديد أكيد لأهل مكة لأنهم وأولئك المهلكين مشتركون فيما يقتضى الاهلاك ، ويعلم ما تقرر أن ضمير (كانوا) للقرون وهو ظاهر ، وجوز مقاتل أن يكون الضمير لأهل مكة وهو خلاف الظاهر ، وكذا جوز كون المراد بالقوم المجرمين أهل مكة على طريقة وضع الظاهر موضع ضمير الخطاب إيذانا بأنهم أعلام في الاجرام وذكر ( القوم) إشارة إلى أن العذاب عذاب استئصال * والتشبيه على هذا ظاهر إذ المعنى يجزيكم مثل جزاء من قبلكم، وأما على الأول فهو على منوال ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) وأضرابه وفيه بعد أيضا بل قال بعض المحققين : يأباه كل الاباء قوله سبحانه : ثُمَّ جَعَلْنَاكُم خلائف في الأرض من بعدهم كم فانه صريح فى أنه ابتداء تعرض لأمورهم وإن ما بين فيه مبادى أحوالهم لاختبار كيفية أعمالهم على وجه يشعر باستمالتهم نحو الايمان والطاعة فمحال أن يكون ذلك اثر بيان منتهى أمرهم وخطابهم بنت القول باهلا كهم لكمال إجرامهم والعطف على قوله تعالى : (ولقد أهلكنا لا على ما قبله ، والمعنى ثم استخلفنا كم في الأرض بعد اهلاك أولئك القرون التى تسمعون أخبارها وتشاهدون آثارها والنظر كَيْفَ تَعمَلُونَ ٤١٤ أى لتعلم أي عمل تعملون فكيف مفعول مطلق لتعملون ، وقد صرح في المغنى بأن كيف تأتى كذلك وأن منه ( كيف فعل ربك) وليست معمولة (لتنظر ) لأن الاستفهام له الصدارة فيمنع ماقبله من العمل فيه ، ولذا لزم تقديمه على عامله هنا . وقيل : محلها النصب على الحال . من ضمير ° .) تعملون) كما هو المشهور فيها إذا كان بعدها فعل نحو كيف ضرب زيد أى على أي حال تعملون الأفعال اللائقة بالاستخلاف من أوصاف الحسن، وفيه من المبالغة في
صفحة:روح المعاني11.pdf/82
المظهر