انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني11.pdf/76

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٧٦
تفسير روح المعاني

٧٦ تفسیر روح المعاني وجوز أن تكون الاضافة إلى الفاعل بتقدير مضاف أى تحية بعضهم بعضا آخر ذلك. وقد يعتبر البعض المقدر مفعولا فالاضافة الى المفعول والفاعل محذوف ، وقيل : يجوز أن يكون مما أضيف فيه المصدر لفاعله ومفعوله معا اذا كان المعنى يحى بعضهم بعضا، ونظيره فى الاضافة الى الفاعل والمفعول قوله تعالى: (وكنا حكمهم شاهدين حيث أضيف حكم الى ضمير داود وسليمان عليهما السلام وهما حاكمان وغيرهما وهم المحكوم عليهم ، وليس ذلك من باب الجمع بين الحقيقة و المجاز المختلف فيه حيث أن اضافة المصدر لفات له حقيقة والمفعوله مجاز لأنه لا خلاف في جواز الجمع اذا كان المجاز عقليا انما الخلاف فيه اذا كان لغويا واخر دعواهم أى خاتمة دعائهم و أن الحمد لله رَبِّ العالمين ١٠) أى أنه الحمد لله فأن مخففة من الثقيلة واسمهاضمير شأن محذوف والجملة الاسمية خبرها و أن ومعمولاها خبر آخر، وليست مفسرة لفقد شرطها، ولا زائدة لأن الزيادة خلاف الأصل ولا داعى اليها، على انه قد قرأ ابن محيصن و مجاهد وقتادة ويعقوب بتشديدها و نصب (الحمد) و في ذلك دليل لما قلنا ، والظاهر ان تحقق مضمون هذه الجمل لكونها اسمية على سبيل الدوام والاستمرار وفي الاخبار ما يؤيده، فلعل القوم لما دخلوا الجنة حصل لهم من العلم بالله تعالى مالم يحصل لهم قبله على اختلاف مراتبهم * وقد صرح مولانا شهاب الدين السهر وردى فى بعض رسائله فى الكلام بتفاوت أهل الجنة في المعرفة فقال: ان عوام المؤمنين في الجنة يكونون فى العلم كالعلماء فى الدنيا والعلماء فيها يكونون كالانبياء عليهم السلام في الدنيا و الانبياء عليهم السلام يكونون في ذلك كنبينا صلى الله تعالى عليه وسلم و يكون لنبينا عليه الصلاة والسلام من العلم بربه سبحانه الغاية القصوى التي لا تكون لملك مقرب ولا لنبي مرسل، ويمكن ان يكون ذلك المقام المحمود، ولا يبعد عندى أنهم مع تفاوتهم فى المعرفة لا يزالون يترقبون فيها على حسب مراتبهم، والسير في الله سبحانه غير متناه والوقوف على الكنه غير ممكن ، وحينئذ التفاوت في فة الصفات معر وهی كما قيل إما سلبية وتسمى بصفات الجلال لأنها يقال فيها: جل عن كذا جل عن كذا وإما غيرها وتسمى بصفات الاكرام و بذلك فسر قوله تعالى: (تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام فلا يزالون يدعون الله تعالى بالتسبيح الذي هو إشارة إلى نعته بنعوت الجلال وبالتحميد الذي هو إشارة إلى وصفه بصفات الاكرام والدوام عرفى وهو أ كثر من أن يحصى، وقوله عليه الصلاة و السلام في وصف أهل الجنة كما في صحيح مسلم: « يسبحون الله تعالى بكرة وعشياه يؤيد بظاهره ذلك، والمراد بالبكرة والعشية - كما قال النووى قدرهما، وظاهر الآية أنهم يقدمون نعته تعالى بنعوت الجلال ويختمون دعاءهم بوصفه بصفات الاكرام لأن الأولى متقدمة على الثانية لتقدم التخلية على التحلية ، ويرشد إلى ذلك قوله سبحانه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) والمختار عندى كون فاعل التحية هو الله تعالى أو الملائكة عليهم السلام وحينئذ لا يبعد أن يكون الترتيب الذكرى حسب الترتيب الوقوعى وذلك بأن يقال : إنهم حين يشرعون بالدعاء يسبحون الله تعالى وينزهونه فيقابلون بالسلام وهو دعاء بالسلامة عن كل مكروه فان كان من الله سبحانه فهو مجاز لا محالة لاستحالة حقيقة الدعاء عليه تعالى وإن كان من الملائكة عليهم السلام فلا مانع من بقائه على حقيقته يوجه الطلب فيه إلى الدوام لأن أصل السلامة حاصل لهم وإن قلنا : إنها تقبل الزيادة فلا بعد فى أن يوجه إلى طلبها ، وما ألطف مقابلة التسبيح و التنزيه بالسلامة عن المكروه لقربها من ذلك معنى كما لا يخفى على المنصف ثم يختمون دعاءهم بالحمد لله رب العالمين . وهكذا لا يزال دأبهم بكرة وعشياتنا يشير اليه خبر الصحيح ، ولعل لكن