٦٦ تفسير روح المعاني سبحانه وحده ، أى فاعبدوه سبحانه من غير أن تشركوا به شيئاً من ملك أو في فضلا عن جماد لا يبصر ولا يسمع . ولا يضر ولا ينفع ، وليس الداعى لهذا الحمل أن أصل العبادة ثابت لهم فيحمل الأمر بها على ذلك ليفيد لما قيل : من أن الخطاب للمشركين ولا عبادة مع الشرك ( أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٣ ) أى أتعلمون أن الأمر ما فصل فلا تتذكرون ذلك حتى تقفوا على فساد ما أنتم عليه فتر تدعوا عنه وتعبدوا الله تعالى وحده، وإيثار ( تذكرون) على تفكرون للايذان بظهور الأمر وأنه كالمعلوم الذي لا يفتقر إلى فكر تام ونظر كامل بل إلى مجرد التفات وإخطار بالبال ، وقوله سبحانه : ( اليه مرجعكم جميعا كم كالتعليل لوجوب العبادة، والجار والمجرور خبر مقدم و (مرجعكم) مبتدأ مؤخر وهو مصدر ميمى لا إسم مكان خلافا لمن وهم فيه، و(جميعاً) حال من الضمير المجرورا رور لكونه فاعلا في المعنى أى اليه تعالى رجوعكم مجتمعين لا إلى غيره سبحانه بالبعث ووعد الله ) مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة لأنها وعد منه تعالى بالبعث وحيث كانت لا تحتمل غير الوعد كان ذلك من أفراد المصدر المؤكد لنفسه عندهم ما فى قولك : له على ألف عرفاً ، ويجوز أن يكون نصبا على المصدرية لفعل محذوف أى وعدالله وعداً ، وأياما كان فهو دليل على ان المراد بالمرجوع الرجوع بالبعث لأن ما بالموت بمعزل عن الوعد كما أنه بمعزل عن الاجتماع فما وقع في بعض نسخ القاضي بالموت أو النشور ليس على ما ينبغى . وو E $ وقرى. (وعد الله) بصيغة الفعل ورفع الاسم الجليل على الفاعلية وحقا ) مصدر مؤكد لمادل عليه الأول وهو من قسم المؤكد لغيره لأن الأول ليس نصا فيه فان الوعد يحتمل الحقية والتخلف. وقيل : إنه منصوب بوعد على تقدير - في - وتشبيهه بالظرف كقوله : . أفى الحق انى هائم بك مغرم * والأول أظهر . وقوله سبحانه : ( إنه يبدو الخلق ثم يعيده ( كالتعليل لما أفاده اليه مرجعكم ) فان غاية البدء والاعادة هو الجزاء بما يليق . وقرأ أبو جعفر . والاعمش ) أنه ( بفتح الهمزة على تقدير لأنه ، وجوز أن يكون منصو با بمثل ما نصب (وعد) أى و وعد الله سبحانه بدء الخلق ثم اعادته أى إعادته بعد بدئه ، ويكون الوعد واقعا على المجموع لكن باعتبار الجزء الاخير لأن البدء ليس موعودا ، وأن يكون مرفوعا بمثل ما نصب حقا أى حق بدء الخلق ثم إعادته ويكون نظير قول الحماسى : أحقا عباد الله أن لست رانيا رفاعة طول الدهر الا توهما وعن المرزوقي أنه خرجه على النصب على الظرفية وهو اما خبر مقدم أو ظرف معتمد وزعم أن ذلك مذهب سيبويه ، وجوز أن يكون النصب بوعد الله على أنه مفعول له ، والرفع بحقاً على أنه فاعل له ، وظاهر كلام الكشاف يدل على أن الفعلين العاملين فى المصدرين المذكورين هما اللذان يعملان فيما ذكر لا فعلان آخران مثلهما وحينئذ يفوت أمر التأكيد الذي ذكرناه لأن فاعل العامل بالمصدر المؤكد لا بد أن يكون عائدا على ما تقدمه مما أكده ، وقرىء (حق أنه يبدأ الخلق) وهو كقولك : حق أن زيدا منطلق . وقرى. ( يبدى) من أبدأ ، و لعل المراد من الخلق نحو المكلفين لا ما يعم ذلك و الجمادات ، ويؤيد ذلك ما أخرجه غير واحد عن مجاهد أن معنى الآية يحي الخلق ثم يميته ثم يحييه و ليجزى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحات بالفسط ) أى بالعدل وهو حال من فاعل ( يجرى) أى ملتبسا بالعدل او متعلق بيجزى أى ليجزيهم بقسطه ويوفيهم
صفحة:روح المعاني11.pdf/66
المظهر