تفسير قوله تعالى : ( يدبر الأمر) الخ ٦٥ وما أشرنا اليه هو الذي عليه أكثر سلف الأمة رضى الله تعالى عنهم، وقد صرح به ض أن الاستواء صفة غير الثمانية لا يعلم ما هي الا من هى له والعجز عن درك الادراك ادراك، واختار كثير من الخلاف أن المراد بذلك الملك والسلطان وذكره لبيان جلالة سلكه وسلطانه سبحانه بعد بيان عظمة شأنه وسعة قدرته بمامر من خلق OE OF 12t هاتيك الاجرام العظيمة، وقوله تعالى: ( يدبر الامر ) استئناف لبيان حكمة استوائه جل وعلا على العرش وتقرير عظمته، والتدبير فى اللغة النظر في أدبار الامور وعواقبها لتقع على الوجه المحمود و المراد به هنا التقدير الجارى على وفق الحكمة والوجه الاتم الأكمل . وأخرج أبو الشيخ وغيره عن مجاهد أن المعنى يقضى الامر والمراد بالأمر أمر الكائنات علويها وسفليها حتى العرش فأل فيه للعهد أى يقدر أمر ذلك كله على الوجه الفائق ، والنمط اللائق حسبما تقتضيه المصلحة وتستدعيه الحكمة ويدخل فيما ذكر ما تعجبوا منه دخولا ظاهرا ، وزعم بعصهم أن المعنى يدبر ذلك على ما اقتضته حكمته ويهى. أسبابه بسبب تحريك العرش وهو فلك الافلاك عند د عندهم وبحر كنه يحرك غيره من الأفلاك الممثلة وغيرها لقوة نفسه ، وقيل : لأن الكل في جوفه فيلزم من حركته . حركته لزوم حركة المظروف لحركة الظرف وهو مبنى على أن الظرف مكان طبيعي للمظروف والاففيه نظر. وأنت تعلم أن مثل هذا الزعم على ما فيه مما لا يقبله المحدثون وسلف الامة اذ لا يشهد له الكتاب ولا السنة وحينئذ فلا يفتى به وان حكم القاضى ، وجوز في الجملة أن تكون في محل النصب على أنها حال من ضمير (استوى ) وأن تكون في محل الرفع على أنها خبر ثان لان، وعلى كل حال فايثار صيغة المضارع للدلالة على تجدد التدبير واستمراره منه تعالى، وقوله سبحانه : ( ما من شفيع إلا من بعد اذنه ) بيان لاستبداده تعالى في التدبير والتقدير ونفى للشفاعة على أبلغ وجه فان نفى جميع أفراد الشفيع بمن الاستغراقية يستلزم نفى الشفاعة على أتم الوجوه ، فلا حاجة إلى أن يقال : التقدير ما من شفاعة لشفيع ، وفي ذلك أيضا تقرير لعظمته سبحانه إثر تقرير ، والاستثناء مفرغ من أعم الأوقات أى ما من شفيع يشفع لأحد في وقت من الأوقات إلا بعد اذنه تعالى المبنى على الحكمة الباهرة وذلك عند كون الشفيع من المصطفين الأخيار والمشفوع له ممن يليق بالشفاعة. وذهب القاضى إلى أن فيه رداً على من زعم أن آلهتهم تشفع لهم عند الله تعالى . و تعقب بأنه غير تام لأنهم لما ادعوا شفاعتها فقد يدعون الاذن لها فكيف يتم هذا الرد ولا دلالة في الآية على أنهم لا يؤذن لهم ، وما قيل : إنها دعوى غير مسلمة واحتمالها غير مجد لا فائدة فيه إلا أن يقال : مراده
أن الاصنام لاتدرك ولا تنطق فكونها ليس من شأنها أن يؤذن لها بديهي ، وقوله عز شأنه : (ذلكم الله ربكم استئناف لزيادة التقرير والمبالغة في التذكير ولتفريع الأمر بالعبادة بقوله سبحانه : (فَاعْبُدُوه) والاشارة إلى الذات الموصوف بتلك الصفات المقتضية لاستحقاق ما أخبر به عنه وهو الله وربكم فانهما خبر ان لذلكم ، وحيث كان وجه ثبوت ذلك له ما ذكر ما لا يوجد فى غيره اقتضى انحصاره فيه وأفاد أن لا رب غيره ولا معبود سواه ، ويجوز أن يكون الاسم الجليل نعتاً لاسم الاشارة و ربكم) خبره وان يكون هو الخبر وربكم) بيان له أو بدل منه ولا يخلو الكلام من إفادة الانحصار ، وإذا فرع الأمر المذكور على ذلك أفاد الأمر بعبادته ) ( م - - - ج - ١١ – تفسير روح المعانى )