انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني11.pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٦٤
تفسير روح المعاني

تفسير روح المعاني يسمونه بما قالوا تماديا في العناد كما هو شنشنة المكابر اللجوح ونشنشة المفحم المحجوج ان ربكم استشاف سيق لاظهار بطلان تعجبهم المذكور وما تبعه من تلك المقالة الباطلة غب الاشارة اليه بالانكار والتعجيب و حقق فيه حقية ما تعجبوا منه وصحة ما أنكروه بالتنبيه الاجمالى على بعض ما يدل عليها من شئون الخلق والتقدير وأحوال التكوين والتدبير ويرشدهم إلى معرفتها بأدنى تذكير لاعترافهم به من غير نكير كما يعرب عنه غير ما آية فى الكتاب الكريم، والتأكيد لمزيد الاعتناء بمضمون الجملة على ما هو الظاهر أى أن ربكم ومالك أمركم الذي تعجبون من أن يرسل اليكم رجلا منكم بالانذار والتبشير وتعدون ما أوحى اليه من الكتاب سحر أهو الله الَّذى خَلَقَ السموات والأرض فى ستة أيام ( أى أوقات فالمراد من اليوم معناه اللغوى وهو مطلق الوقت . وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ان تلك الأيام من أيام الآخرة التي يوم منها كألف سنة ما تعدون ، وقيل : هى مقدار ستة أيام من أيام الدنيا وهو الأنسب بالمقام لما فيه من الدلالة على القدرة الباهرة بخلق هذه الاجرام العظيمة في مثل تلك المدة اليسيرة ولأنه تعريف لنا بما نعرفه ، ولا يمكن أن يراد باليوم اليوم المعروف لأنه ما قيل عبارة عن كون الشمس فوق الأرض وهو ما لا يتصور تحققه حين لا أرض ولا سماء ، واليوم بهذا المعنى يسمى النهار المفرد، ويطلق اليوم أيضاً على مجموع ذلك النهار وليلته ومقدار ذلك حينئذ ممكن الارادة هنا أيضاً. وقد صرح بعض الأكابر بأن المراد بالسموات ماعدا المحدد وأن اليوم هنا عبارة عن مدة دورة تامة له ، ولا يخفى ان اليوم اللغوى يتناول هذا أيضاً إلا ان إرادته كارادة مقدار مجموع النهار وليلته يحتاج إلى نقل وليس ذلك أمراً معروفا عند المخاطبين ليستغنى عن النقل على ان القول به يدور على كون وكا بالحركة الوضعية ويحتاج ذلك إلى النقل أيضاً، وكذا يدور على كون المحدد خارجا عن السموات المخلوقة في الأيام الست لكن ذلك لا يضر إذ الآيات والأخبار شاهدة بالخروج ما لا يخفى، وفى خلقها مدرجا مع القدرة التامة على إبداعها في طرفة عين اعتبار للنظار وحث لهم على التأنى في الأحوال والأطوار، وفيه أيضاً على ماصرح به بعض المحققين دليل على الاختيار، وأما تخصيص ذلك بالعدد المعين فقد قيل : إنه أمر قد استأثر بعلم ما يستدعيه علام الغيوب جلت قدرته ودقت حكمته . وقيل: إنه سبحانه جعل لكل من خلق مواد السموات وصورها وربط بعضها ببعض وخلق مادة الارض وصورتها وربط إحداهما بالأخرى وقتا فلذا صارت الأوقات ستا وفيه تأمل، وسيأتى إن شاء الله تعالى فى الدخان تحقيق هذا المطلب على وجه ينكشف به الغبار عن بصائر الناظرين * المحدد متحر وايثار جمع السموات لما هو المشهور من الايذان بأنها اجرام مختلفة الطباع متباينة الآثار والاحكام ، و تقديمها على الأرض إما لأنها أعظم منها خلقا أو لأنها جارية مجرى الفاعل والارض جارية مجرى القابل على ما بين في موضعه، وتقديم الارض عليها في آية طه لكونها أقرب الى الحس وأظهر عنده وسيأتي أيضا تحقيقه هناك ان شاء الله تعالى ( ثم استوى عَلَى الْعَرْش ) على المعنى الذي أراده سبحانه وكف الكيف مشلولة، وقيل : الاستواء على العرش مجاز . عن الملك والسلطان متفرع عن الكناية فيمن يجوز عليه القعود على السرير يقال: استوى فلان على سرير الملك ويراد منه ملك وأن لم يقعد على السرير أصلا ، وقيل : ان الاستواء بمعنى الاستيلاء وأرجعوه إلى صفة القدرة . وأنت تعلم أن هذا وأمثاله من المتشابهو الناس فيه مذاهب