٦ تفسير وح المعاني > ما لا يخفى ) ومن الأعراب ) أى من جنسهم على الاطلاق من يؤمن بالله واليوم الآخر كم على الوجه المأمور به ( وَيَتَّخذُ ) على وجه الاصطفاء والاختيار ما ينفق ) فى سبيل الله تعالى قربات جمع قربة بمعنى التقرب ، وهو مفعول ثان ليتخذ ، والمراد اتخاذ ذلك سببا للتقرب على التجوز في النسبة أو التقدير ، وقد تطلق القربة على ما يتقرب به والاول اختيار الجمهور ، والجمع باعتبار الانواع والافراد ، وقوله سبحانه : عند الله له صفة (قربات ) أو ظرف ليتخذ . '
وجوز أبو البقاء كونه ظر فالقربات على معنى مقربات عند الله تعالى ، وقوله تعالى : ( وصلوت الرسول) عطف على (قربات) أى وسببا لدعائه عليه الصلاة والسلام فانه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ويستغفر لهم ، ولذلك يسن للمتصدق عليه أن يدعو للمتصدق عند أخذ صدقته لكن ليس له أن يصلى عليه ، فقد قالوا : لا يصلى على غير الأنبياء والملائكة عليهم الصلاة والسلام إلا بالتبع لأن في الصلاة من التعظيم ماليس فى غيرها من الدعوات وهى لزيادة الرحمة والقرب من الله تعالى فلا تليق بمن يتصور منه الخطايا والذنوب ولاقت عليه تبعاً لما في ذلك من تعظيم المتبوع ، واختلف هل هي مكروهة تحريما أو تنزيها أو خلاف الأولى؟ صحيح النووى فى الأذكار الثاني ، لكن في خطبة شرح الاشباه للبيرى من صلى على غير هم اثم وكره وهو الصحيح . ومارواه الستة غير الترمذى من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : «اللهم صل على ل أبي أوفى» لا يقوم حجة على المانع لأن ذلك كما في المستصفى حقه عليه الصلاة والسلام فله أن يتفضل به على من يشاء ابتداءاً وليس الغير كذلك . وأما السلام فنقل اللقانى فى شرح جوهرة التوحيد عن الامام الجويني أنه فى معنى الصلاة فلا يستعمل فى الغائب، ولا يفرد به غير الانبياء والملائكة عليهم السلام فلا يقال : على عليه السلام بل يقال : رضى الله تعالى عنه ، وسواء فى هذا الأحياء والأموات إلا في الحاضر فيقال : السلام أو سلام عليك أو عليكم ، وهذا مجمع عليه انتهى ، أقول : ولعل من الحاضر ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) و (سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإلا فهو مشكل ، والظاهر أن العلة في منع السلام ماقاله النووى في علة منع الصلاة من أن ذلك شعار أهل البدع وأنه مخصوص في لسان السلف بالأنبياء والملائكة عليهم السلام كا أن قولنا : عز وجل مخصوص عز وجل مخصوص بالله سبحانه فلا يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزاً جليلا صلى الله تعالى عليه وسلم ، ثم قال اللقاني : وقال القاضي عياض : الذي ذهب اليه المحققون وأميل اليه ماقاله مالك وسفيان، واختاره غير واحد من الفقهاء والمتكلمين أنه يحب تخصيص النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وسائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالصلاة والتسليم ما يختص الله سبحانه عند ذكره بالتقديس والتنزيه ويذكر من سواهم بالغفران والرضا كما قال تعالى : (رضى الله عنهم ورضوا عنه ) ( يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان وأيضا أن ذلك فى غير من ذكر لم يكن فى الصدر الأول وإنما أحدثه الرافضة في بعض الأئمة والتشبيه بأهل البدع منهى عنه فتجب مخالفتهم انتهى ، ولا يخفى أن مذهب الحنابلة جواز ذلك في غير الأنبياء والملائكة عليهم السلام استقلالا عملا بظاهر الحديث السابق ، وكراهة التشبيه بأهل البدع مقررة عندنا أيضا لكن لا مطلقا بل فى المذموم وفيها قصد به التشبه . ما ذكره الحصكفي في الدر المختار فافهم . ثم التعرض لوصف الإيمان بالله تعالي واليوم الآخر في هذا الفريق مع أن مساق الكلام لين .