انتقل إلى المحتوى

صفحة:روح المعاني11.pdf/57

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٥٧

من باب الاشارة في الآيات ٥٧ إشارة إلى الجهاد الأكبر ولعله تعليم الكيفية النهر المطلوب وبيان لطريق تحصيل الفقه أى قاتلوا كفارةوى نفوسكم بمخالفة هواها . وفى الخبر « أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك » ( وليجدوا فيكم غلظة ) أى قهر او شدة حتى تبلغوا درجة التقوى ) واعدوا أن الله مع المتقين ) بالولاية والنصر ( أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين) أى يصيبهم بالبلاء ليتوبوا (ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) وفي الأثر البلاء وطمن سياط الله تعالى سوق به عباده اليه ويرشد الى ذلك قوله تعالى: (وإذا غشيهم . وج بالظلل دعوا الله مخلصين له الدين) وقوله تعالى: (وإذا مس الانسان الضردعانا الجنبه أو قاعدا أو قائما) وبالجملة إن البلاء يكسر سورة النفس فيلين القلب فيتوجه الى مولاه إلا أن من غلبت عليه الشقاوة ذهب منه ذلك الحال إذا صرف عنه البلاء. كما يشير اليه قوله تعالى: (فلما نجاهم إلى البر اذا . هم يشركون ) وقوله سبحانه : ( فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا الى ضرمسه ) (لقد جاءكم رسول أنفسكم ( أى من جنسكم لتقع الالفة بينكم وبينه فان الجنس إلى الجنس يميل وحينئذ يسهل عليكم الاقتباس من أنواره صلى الله تعالى عليه وسلم . وقرى. كما قدمنا ( من أنفسكم) أى أشرفكم في كل شيء ويكفيه من شرفا أنه عليه الصلاة والسلام أول التعينات وانه كما وصفه الله تعالى على خلق عظيم " وعلى تفنن واصفيه بوصفه يفنى الزمان وفيه مالم يوصف (عزيز عليه ماعنتم أي يشق عليه عليه الصلاة والسلام مشقتكم فيتألم صلى الله تعالى عليه وسلم لما يؤلمكم كا يتألم الشخص اذا عرا بعض أعضائه مكروه، وعن سهل انه قال : المعنى شديد عليه غفلتكم عن الله تعالى ولو طرفة عين فان العنت ما يشق ولا شيء أشق فى الحقيقة من الغفلة عن المحبوب (حريص عليكم ) أي على صلاح شأنكم أو على حضوركم و عدم غفلتكم عن مولاكم جل شأنه ( بالمؤمنين رءوف) يدفع عنهم ما يؤذيهم (رحيم) يجلب لهم ما ينفعهم، ومن آثار الرأفة تحذيرهم من الذنوب والمعاصى و من آثار الرحمة إضافته صلى الله تعالى عليه وسلم عليهم العلوم وا م العلوم والمعارف و الكمالات، قال جعفر الصادق رضى الله تعالى عنه : علم الله تعالى عجز خلقه عن طاعته فمر فهم ذلك لكى يعلموا أنهم لا ينالون الصفو من خدمته فأقام سبحانه بينه وبينهم مخلوقا من جنسهم في الصورة فقال : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) وألبسه من نعته الرأفة والرحمة وأخرجه الى الخلق سفيرا صادقا وجعل طاعته طاعته وموافقته موافقته فقال سبحانه : ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ثم أفرده لنفسه خاصة شانه و آواه اليه بشهوده عليه فى جميع أنفاسه وسلى قلبه عن إعراضهم عن متابعته بقوله جل : : ( فان تولوا ) وأعرضوا عن قبول ما أنت عليه لعدم الاستعداد وزواله ) نقل حسبى الله ) لا حاجة لى بكم كما لا حاجة للانسان الى العضو المتعفن الذى يجب قط. - لا فالله تعالى كافى (لا إله إلا هو ) فلا مؤثر غيره ولا ناصر سواه ( عليه توكلت ) لا على غيره من جميع المخلوقات اذ لا أرى لأحد منهم فعلا ولا حول ولاقوة إلا بالله ( وهو رب العرش العظيم ( المحيط بكل شيء، وقد ألبسه سبحانه أنوار عظمته وقواه على حمل تجلياته ولولا ذلك لذاب بأقل من لمحة عين ، وإذا قرىء ( العظيم ) بالرفع فهو صفة للرب سبحانه ، وعظمته جل جلاله بما لانهاية لها وما قدروا الله حق قدره نسأله بجلاله وعظمته أن يوفقنا لا تمام تفسير كتابه حسبما يحب ويرضى فلا إله غيره ولا يرجى إلا خيره . (٨-٢- ج - ١١ - تفسیر روح المعاني )