٤٦ تفسير روح المعاني 1500 وأشجع وغفار، وأسلم . واضرابهم ( أن يتخلفوا عن رسول الله ) عند توجه عليه الصلاة والسلام الى الغزو ) ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه لم أى لا يصرفوها عن نفسه الكريمة ولا يصونوها عما لم يصنها عنه بل يكابدون ما يكابده من الشدائد ، وأصله لا يترفعوا بأنفسهم عن نفسه بأن يكرهوا لأنفسهم المكاره ولا يكرهوها له عليه الصلاة والسلام بل عليهم أن يعكسوا القضية ، وإلى هذا يشير كلام الواحدى حيث قال : يقال رغبت بنفسى عن هذا الامرأى ترفعت عنه . وفى النهاية يقال : رغبت بفلان عن هذا الأمر أى كرهت له ذلك . وجوز في ( يرغبوا ) النصب بعطفه على ( يتخلفوا ) المنصوب بأن واعادة (لا) لتذكير النفى وتأكيده الظاهر والجزم على النهى وهو المراد من الكلام إلا أنه عبر عنه بصيغة النفى للمبالغة، وخص أهل المدينة وهو بالذكر لقربهم . منه عليه عليه الصلاة والسلام وعليهم بخروجه ، وظاهر الآية وجوب النفير إذا خرج رسول الله الى الغزو بنفسه * أنه استدل بها على أن الجهاد كان فرض عين فى عهده عليه الصلاة والسلام وبه قال ابن وذكر بعضهم . أحد الخلفاء بطال : وعلله بأنهم بايعوه عليه عليه الصلاة والسلام فلا يجب النفير مع أ من مالم يلم العدو ولم يمكن دفعه بدونه ، وقدر بعضهم في الآية مضافا إلى رسول أى أن يتخلفوا عن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خلاف الظاهر ، وعليه يكون الحكم عاما وفيه بحث * وأخرج ابن جرير . وغيره عن أبن زيد أن حكم الآية حين كان الاسلام قليلا فلما كثر وفشا قال الله تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) ، وأنت تعلم أن الاسلام كان فاشيا عند نزول هذه السورة ، ولا يخفى ما في الآية من التعريض بالمتخلفين رغبة باللذائذ وسكونا إلى الشهوات غير مكترثين بما يكابد عليه بستانه الصلاة والسلام ، وقد كان تخلف جماعة عنه صلى الله تعالى عليه وسلم كما علمت لذلك ، وجاء أن أناسا من المسلمين تخلفوا ثم ان منهم من ندم وكره مكانه فلحق برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم غير مبال بالشدائد كانى خيثمة فقد روى أنه رضى ار الله تعالى عنه باغ ! و كانت له امرأة حسناء فرشت له في الظل وبسطت له الحصير وقربت اليه الرطب والماء البارد فنظر فقال : ظل ظليل ورطب يانع وماء بارد وامرأة حسناء ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الضح والريح ما هذا بخير مقام فرحل ناقته وأحذ سيفه ورمحه ومر كالريح فمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم طرفه الى الطريق فاذا براكب يزهاه السراب فقال عليه الصلاة والسلام : كن أبا خيثمة فكانه ففرح به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم واستغفر له» (ذلك ) إشارة إلى ما دل عليه الكلام من وجوب المشايعة ) بأنهم ( أى بسبب أنهم ( لا يصيبهم ظما ) أي شيء من العطش . وقرى بالمد والقصر ( وَلَا نَصب) ولا تعب ما ( ولا خمَصَةٌ ) ولا مجاعة ما في سبيل الله ) في جهاد أعدائه أو في طاعته سبحانه مطلقاً ولا يطون موطناً يغيظ الكفار أى يغضبهم و يضيق صدا رو هم والوطء الدوس بالأقدام ونحوها كحوافر الخيل وقد يفسر بالايقاع والمحاربة . ومنه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم و آخر وطأة وطأها الله تعالى بوج» والموطى. اسم مكان على الأشهر الأظهر، وفاعل ( يغيظ) ضميره بتقدير مضاف أي يغيظ وطؤه لأن المكان نفسه لا يغيظ، ويحتمل أن يكون ضميرا عائدا إلى >
صفحة:روح المعاني11.pdf/46
المظهر